وفي الواقع لا ضرورة لاشتراط ذلك في المفسر، باعتبار أن القرآن الكريم عندما تناول هذه القضايا الطبيعية تناولها على أساس أنها ظواهر يدركها الإنسان ويلاحظها بحسه، ومن خلالها أريد له الانتقال والاستدلال على بعض القضايا والحقائق العقائدية كوجود الله والمعاد وغيرها، وذلك لأن الهدف الأساس للقرآن الكريم ليس هو تناول هذه العلوم وبحثها والسعي لان يتكامل الإنسان فيها، بل ترك أمرها للإنسان نفسه يبحث فيها ويتكامل إن شاء من خلال التجربة، وذلك بخلاف (الدين) والشريعة الذي ارتبط أمره بالسماء، ولا يمكن للإنسان أن يتكامل فيه من خلال التجربة، بل لا بد من الوحي الإلهي فيه.
وعلى هذا الأساس فإن العلوم والمعارف الطبيعية التي تحتاج إلى تجربة وفن وجهد لا تحتاجها عملية التفسير ولا تكون مكملة لها (1).
بل يمكن أن نضيف هنا: أن الخلفية التجريبية العلمية باعتبارها خلفية ناقصة دائما فإنها لا تصل إلى حد اليقين القطعي - إلا بشكل محدود - الذي لا يكون هناك مجال لاحتمال خلافه إطلاقا، ومن هنا نجد التجديد والتغيير في النظريات العلمية التجريبية بسبب أن وسائل الإثبات فيها غالبا ما تكون ناقصة.
وعلى هذا فإنه من غير الصحيح أن تحمل هذه الخلفية الناقصة على فهم القرآن الكريم وتفسيره، وذلك لأن القرآن الكريم مصدره الغيب الإلهي، والله مطلع على كل الحقائق وبدون أي احتمال للخطأ، وتبقى التجربة معرضة للخطأ لأنه مهما روعيت فيها مسائل الدقة والضبط والاحتراز فإنه قد يبقى فيها جانب