تفسير سورة الحمد - السيد محمد باقر الحكيم - الصفحة ٤٨
وقد استند هذا الاتجاه على بعض النصوص المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) والتي حاول أن يفهمها أصحاب هذا الاتجاه على أنها تمنع من ممارسة التفسير ما لم يعتمد على النصوص الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) (1).
(١) البحث حول هذه النصوص يتم عادة في علم الأصول تحت عنوان " حجية ظواهر القرآن "، وهناك يستدل بشكل واضح على عدم صحة استنباط هذا المعنى من هذه النصوص، وكنموذج لها: قال أبو عبد الله في رسالة: فأما ما سألت عن القرآن فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة لأن القرآن ليس ما ذكرت، وكل ما سمعت فمعناه على غير ما ذهبت إليه، وإنما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم، ولقوم يتلونه حق تلاوته، وهم الذين يؤمنون به يعرفونه، وأما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم، وأبعده من مذاهب قلوبهم، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه ليس شئ أبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا من شاء الله، وإنما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه، وأن يعبدوه، وينتهوا في قوله إلى طاعة القوام بكتابه، والناطقين عن أمره، وأن يستنبطوا ما احتاجوا إليه من ذلك عنهم لا عن أنفسهم، ثم قال: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " فأما عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبدا، ولا يوجد، وقد علمت أنه لا تستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الأمر، لأنهم لا يجدون من يأتمرون عليه ومن يبلغونه أمر الله ونهيه، فجعل الله الولاة خواص ليقتدي بهم، فافهم ذلك إن شاء الله وإياك وإياك وتلاوة القرآن برأيك، فإن الناس غير مشتركين في علمه، كاشتراكهم فيما سواه من الأمور، ولا قادرين على تأويله الا من حده وبابه الذي جعله الله له فافهم إن شاء الله، واطلب الأمر من مكانه تجده إن شاء الله. وسائل الشيعة ١٨: ١٢٩، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي، الحديث ٣٨.
مع أن أئمة أهل البيت أوضحوا ذلك في نصوص أخرى، منها عن أبي جعفر (عليه السلام): أن رجلا قال له: أنت الذي تقول ليس شئ من كتاب الله إلا معروف، قال: ليس هكذا قلت، إنما قلت: ليس شئ من كتاب الله إلا عليه دليل ناطق عن الله في كتابه مما لا يعلمه الناس - إلى أن قال: - إن للقرآن ظاهرا، وباطنا، ومعاينا وناسخا، ومنسوخا، ومحكما، ومتشابها، وسننا، وأمثالا، وفصلا، ووصلا، وأحرفا وتصريفا، فمن زعم أن الكتاب مبهم فقد هلك وأهلك الحديث. وسائل الشيعة ١٨: ١٢٩، الباب 13 من أبواب صفات القاضي، الحديث 39.