وهناك ظاهرة أخرى قائمة في القرآن الكريم هي ظاهرة اعترافه بالديانات السابقة وتصديقها وإقراره لكثير من الأحكام التي كانت موجودة فيها.
فإذا أردنا أن نفسر هذه الظاهرة وفق الذهنية الصحيحة التي ترى في القرآن الكريم وحيا إلهيا فإننا نقول: بأن القرآن الكريم هو وحي إلهي، وما جاءت به الديانات السابقة هو وحي إلهي أيضا، وعلى هذا فإن الاعتراف بها والانسجام الموجود بينها أمر طبيعي وذلك لوحدة مصدرها.
غاية ما في الأمر أن الإسلام يمثل الديانة الخاتمة التي جاءت في مرحلة تكامل الإنسانية ولا بد أن تكون مضامينه مضامين تامة ومكملة للمضامين السابقة، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم:
* (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل) * (1).
* (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) * (2).
أما إذا فسرت هذه الظاهرة وفق وجهة النظر الأخرى الباطلة فإنه يمكن أن يقال بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد تأثر بكتب الرسالات السابقة كالتوراة والإنجيل، ويفترض أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد اطلع عليها بشكل من الأشكال.
وقد أشير إلى هذه الشبهة الباطلة منذ الصدر الأول للإسلام وورد ذكرها في