للنقد والنقاش خصوصا على ما بينا في بحث تفسير القرآن، إذ أشار إلى أن القرآن حاول أن يقرب الصور الغيبية إلى ذهن الإنسان لعدم مقدرته على إدراكها بشكل كامل وذلك من خلال ضرب الأمثلة عليها من مصاديق عالم الشهادة، فأنهار اللبن والخمر والعسل والأزواج والثمار في الجنة التي ترد في القرآن لا يمكن أن يقال بأنها لابد أن تكون من طبيعة ما هو موجود في عالم الدنيا، بل يمكن أن تكون من طبيعة أخرى، وإنما مثل القرآن الكريم بها من أجل تقريبها إلى الأذهان.
ولهذا السبب أيضا تكرر ضرب الأمثلة وتعددت التشبيهات واختلفت بعض الشئ وأصبح في القرآن الكريم محكم ومتشابه، وفسر بعض القرآن بعضه الآخر، باعتبار أن الموضوع والمعنى الغيبي الواحد لا يمكن أن يعطى بصورة واحدة منتزعة من عالم الشهادة، إذ لا يمكن أن تتطابق مع ذلك الموضوع الغيبي مطابقة تامة، بل يعطى ضمن صور متعددة يمكن بمجموعها أن تساهم في تقريب الصورة الغيبية للأذهان الحسية.
والنتيجة أن هناك حدودا وقيودا في مقام (بيان) الأشياء والأمور الغيبية ليست ناشئة من تحديد قدرة الله، وانما هي ناشئة من ضيق في استيعاب الألفاظ والعقل الإنساني في قدرته على تصور الأشياء.
ويكون حمد الإنسان لله تعالى من هذا القبيل أيضا، إذ يطلب من الإنسان (المحدود) في مقام احاطته بحقيقة وأوصاف وأفعال الله تعالى أن يحمد الله بتلك الألفاظ المحدودة أيضا أداء لواجب الشكر، حتى وإن كان حمده حمدا ناقصا لما سبق، وحينئذ لن يكون عنده طريق للتعبير عن ذلك الحمد إلا بهذا النوع من التعبير.