ولعل من أبرز وأهم خصائص هذه (الرحمة الإلهية) المرتبطة بالبعد السابق - وهو حالة التكامل الإنساني - هي مسألة (المغفرة والتوبة). والتي هي رحمة مفتوحة لهذا الإنسان وبشكل واسع في هذه الدنيا. إذ لولا باب المغفرة والتوبة لتوقفت حركة الإنسان التكاملية عند ارتكابه لأي تمرد أو معصية أو خطأ، أي كل ما يعيق عملية تربيته ونموه وتكامله في حالتي القصور والتقصير.
وأما الدار الآخرة فتكون محكومة بشكل عام بعلاقة القهر على ما سوف يأتي توضيحه في تفسير قوله تعالى * (مالك يوم الدين) *.
ويؤكد هذا الفهم للعلاقة ان كلمة الرحيم قد قرنت في (62) موردا من أصل (95) موردا بكلمة الغفور، وفي أكثر الموارد المتبقية بمفهوم (الرأفة) و (الود) وفي موارد قليلة (بالعزيز)، ولعل المراد من قرنها بالعزيز - والله العالم - هو اشعار الإنسان بأن هذه الرحمة ليست عن ضعف أو عجز، وإنما هي عن قدرة وقوة.
وتختلف دائرة هذه (الرحمة الإلهية) في الدار الدنيا عن الآخرة، إذ تشمل في الدار الدنيا المؤمن والكافر والمشرك والمنافق وجميع الناس (من ناحية السعة لا الثبوت والاستقرار)، حيث توجد فرصة للتوبة في الدار الدنيا لا تكون موجودة بالنسبة إلى الكافر في الآخرة: * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا...) * (1) وهكذا في العطاء والفضل والنعم الإلهية كالصحة والتجربة والجاه والرزق وغيرها.