بهم هم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بقرينة قوله تعالى: * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين...) * (1). وهذا هو ما روي عن علي (عليه السلام) في تفسير * (الذين أنعمت عليهم) * (2).
واختار عبد القاهر الجرجاني قولا آخر، قال: " ان حق اللفظ فيه أن يكون خرج مخرج الجنس،... فلا تريد أن ها هنا قوما بأعيانهم قد اختصوا بهذه الصفة " (3)، وانما هو بصدد بيان المعنى العام، فكأن الداعي يطلب من الله عز وجل أن يهديه إلى ذلك السراط الذي يكون من يسلكه موضع نعمته ورحمته وأن يكون ممن ينعم عليهم، بغض النظر عن وجود من وقعت عليه هذه النعمة من (المصاديق) أم لا، فهو يريد بدعائه أن يطلب منه عز وجل أن يكون في موضع تكون فيه النعمة والفضل، وإن كان الأنبياء والصديقون والشهداء في هذا الموضع أيضا.
وهذا الاحتمال وإن كان وجيها في نفسه إلا أن الصورة التي تتبادر إلى الذهن وتكون أكثر تجسيدا انما هي الصورة التي تشير إلى واقع محسوس وموجود في حياة الإنسانية، بعد تشخص المسيرة الإلهية في مصاديق عبر التاريخ الإنساني والرسالات السماوية، وهذا ما ينسجم مع الاحتمال الأول الذي وردت فيه الرواية والذي تفسره الآية الكريمة من سورة النساء.