مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وقال في مقامات: " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها وقع في النار " وفي رواية " هلك " وفي رواية " غرق " وقال في مواضع أخر: " مثل أهل بيتي فيكم كباب حطة من دخله كان آمنا ".
ووجه الحديث الأول، أنه صلى الله عليه وآله أمر على جهة الإخبار بالتمسك بكتاب الله وعترته، وخص المرادين من العترة بصفة يقتضي عصمتهم، هي أمان المتمسك بهم من الضلال، إذ لو كان الخطاء جائزا على المتمسك لم يكن المتمسك آمنا من الضلال، ولأنه صلى الله عليه وآله جمع بينهم وبين الكتاب المهيمن على كل حجة في وجوب التمسك، وذلك مقتض لكونهم حججا يجب الاقتداء بهم كالكتاب، ولأنه صلوات الله عليه وعليهم أوجب التمسك بهم في كل شئ ببرهان إطلاق التمسك من غير تخصيص، ولمساواته في ذلك بينهم وبين الكتاب الذي يجب التمسك بجميعه، وذلك مقتض للاقتداء بأقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالتكليف، وهذا معنى فرض الطاعة الذي لا يستحقه إلا الإمام وهو دال أيضا على عصمتهم لما بيناه من أن عموم الاقتداء يقتضي عصمة المقتدى به.
ووجه عموم الحديثين (1) الثاني والثالث، أنه صلى الله عليه وآله نص على نجاة متبع أهل بيته وأمانه من الضلال، وذلك برهان عصمتهم، إذ لو جاز عليهم الخطاء لم يكن القطع بنجاة متبعهم وأمانه من الضلال، وثبوت عصمتهم مقتض لإمامتهم لأنه لا أحدا فرق بين الأمرين، وثبوت هذه الأمور فيمن تعلق به مقتضى الأخبار دليل على تخصيصها بمن عيناه من الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم دون سائر الذرية، لأنها لم يثبت لأحد عداهم ولا ادعيت له.