وحصول الجدب لذلك (1) إهلاكه الغلات أو الثمار ببعض الآفات أو تكثير الخلق أو تقليل شهواتهم إلى المنهيات، لاختصاص هذه الأمور به سبحانه دون خلقه، فلا شبهة في كون هذه الغلاء لطفا أو عقابا، وإن كان سبب الغلاء احتكار الظلمة الأقوات وغيرها أو منع المسافرة أو جبرهم على البيع بأعلى السعرين فهو مضاف إلى من فعل أسبابه دونه تعالى، والغلاء على هذا الوجه قبيح لاستناده إلى وجه قبيح.
وأما الأجل فهو الوقت، يقال: دين مؤجل أي موقت، ومنه قوله تعالى:
" فإذا بلغن أجلهن " (2) أي آخر وقت عدتهن، وإذا صح هذا فأجل الموت وقت حدوثه، وأجل القتل وقت حدوثه، فكما لا يصح أن يقال إن للموت أو القتل الحادث وقتين، كذلك لا يجوز أن يقال أجلان.
فأما الموت فلا يكون إلا من فعله لكونه عبارة عن انتفاء الحياة بغير سبب ظاهر، بل بأحد أمرين مختصين بمقدوره تعالى، إما بأن (3) يفعل سبحانه ضدا للحيوة يسمى موتا متى وجد انتفت الحياة، أو نقض باطن البنية بنفي تأليفها بضد، أو نفي بعض ما يحتاج إليه الحياة من المعاني، أو تكثيره على الحاجة إليه أو تقليله فتنتفي الحياة، وبخروج محلها عن الصفة التي لا يصح حلولها فيه من دونها، وبهذا يعلم خروج الذات عن كونها حية متى زادت الحرارة أو البرودة أو الرطوبة أو اليبوسة أو نقصت عن مقدار الحاجة كما يعلم انتفاء الحياة بقطع الرأس والتوسط (4)، وكل من هذه الأمور خارج عن مقدور