غاية الزجر فإن أرادوا به ما يقتضيه... مع التجويز كالقطع وإن أرادوا كل ممكن لزم عليه... حتى يعلم المكلف أنه لا طريق إلى الخلاص من عقاب عصيانه فهو زجر بغير شبهة وحتى يكون العقاب عاجلا أو عقيب انقطاع التكليف، والمعلوم فساد ذلك، وأن السمع ورد مؤكدا لجواز العفو عن الفساق لعلمنا بتمدحه سبحانه في غير موضع من كتابه بالعفو والغفران والرحمة المعلوم تخصصه بإسقاط المستحق من العقاب، وفساد توجه ذلك إلى الكفار وإلى ذوي الصغائر والتائبين، لوجوب سقوط عقاب القبيلتين وقبح التمدح بالواجب، ولأن سقوط عقاب الصغيرة عندهم مؤثر عن زائد الثواب عليها، وسقوط العقاب بالتوبة مؤثر بها دون فعله تعالى، ودلالة صريح الظاهر يقتضي إضافة الغفران إليه تعالى وذلك يحيل تناوله لذوي الصغائر والتائبين بغير إشكال.
ومن ذلك قوله تعالى: " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " (1) وهذا نص صريح بتمدحه بغفران ذنب الظالم في حال ظلمه.
وقوله تعالى: " وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم " (2).
وقوله تعالى: " ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم وإن يشأ يعذبكم " (3) وهذا خطاب لا يجوز توجهه إلى الكفار ولا إلى من لا ذنب له من المؤمنين، لقبح التمدح بالغفران عن الفريقين، فلم يبق إلا توجهه إلى من جمع بين طاعته ومعصيته.
وبهذا يسقط حملهم الآيات على ذوي الصغائر والتائبين، لأن أولئك لا ذنب لهم يغفر، ولما قدمناه من إضافتهم سقوط عقاب الصغائر بثواب الكبائر من الطاعات