أمرين: إما لما هو عليه كالصدق والانصاف، أو لكونه داعيا إليهما كالصلاة و الزكاة، واستحقاق الثواب والعقاب تابع لثبوت الوجه فيما به يستحقان، فكيف يجعل من هذه أصوله استحقاقهما أو أحدهما وجها لما به استحقا لولا الغفلة عنها أو الجهل بوجه المناقضة فيها وأي شبهة على ذي بصيرة بالتكليف [على ذا استحقاق العقاب دون غيره لا] (1) يفرقان ما بين ما له وجب الواجب مما استحق به، وأدنى ما في ذلك أن لا يعلم وجوب فعل الصدق والانصاف و اجتناب الظلم والكذب إلا من يعلم استحقاق العقاب للاخلال بذين وفعل هذين والمعلوم خلاف ذلك.
وبعد فكان يجب عليهم أن يقتصروا في حسن التكليف على استحقاق العقاب دون غيره، إذ هو الوجه عندهم، وهم لم يفعلوا ذلك، ولو فعلوه لنقضو الأصول الثابتة بالأدلة.
فأما المشاق فشرط في التكليف، وجهة تكليفها ما اتفقنا عليه وقاد إليه البرهان من التعريض للثواب من غير افتقار بنا إلى استحقاق العقاب.
فأما النوافل والمكاسب فإنما لم تحب لأنه لا وجه لوجوبها، وما لا وجه لوجوبه لا يجوز الحكم بإيجابه.
وتعلقه وأصحابه في ذلك أن العقاب لو لم يكن مستحقا لكان المكلف مغرى بالقبيح من حيث كان النفع بالثواب المتأخر لا يقابل داعي الشهوة البطلان... (2) لأن علم المكلف باستحقاق الثواب بفعل الواجب... الدعاء والصرف (3) ومجز في حسن تكليفها، إذ لا... بالنفع العظيم في الفعل و مصروفا عن القبيح.. العلم بكون العاقل ملجئا برجاء النفع العظيم وفوته