(ثانيها) أن ملاقاة النجاسة للمائع تقتضي نجاسته، والنجس لا يزول به النجاسة.
واعترض عليه بأن مثله وارد في الماء المطلق القليل. فإن النجاسة تزول به مع تنجسه بالملاقاة.
وأجاب المحقق (رحمه الله) بالمنع من نجاسة المطلق عند وروده على النجاسة.
كما هو مذهب المرتضى في بعض مصنفاته. وبأن مقتضى الدليل التسوية بينهما، لكن ترك العمل به في المطلق للاجماع ولضرورة الحاجة إلى الإزالة، والضرورة تندفع بالمطلق فلا يسوى به غيره، لما في ذلك من تكثير المخالفة للدليل.
(ثالثها) - أن منع الشرع من استصحاب الثوب النجس مثلا في الصلاة ثابت قبل غسله بالماء، فيثبت بعد غسله بغير الماء عملا بالاستصحاب.
وأرود عليه (1) أن الاستصحاب المقبول هو ما يكون دليل الحكم فيه غير مقيد بوقت. وفي تحقق ذلك هنا نظر، إذ العمدة في اثبات المنع المذكور بطريق العموم هو الاجماع. ومن البين أن الاتفاق إنما وقع على منع استصحاب النجس قبل الغسل مطلقا لا قبل الغسل بالماء.
وفيه نظر (أما أولا) فلأن العمدة في منع الصلاة في الثوب النجس إنما هي الأخبار الدالة على النهي عن ذلك، ولا شك أن النهي ظاهر في العموم لجميع الأزمنة كما صرحوا به في الأصول إلى أن يظهر الرافع له.
و (أما ثانيا) فلأنه مع تسليم اختصاص الدليل بالاجماع فلا منافاة، فإن الاجماع متى قام على المنع من الصلاة في الثوب النجس والنهي عن ذلك. فالنهي أيضا عام بالتقريب المذكور إلى أن يثبت الرافع، فإن المراد بكون دليل الحكم غير مقيد بوقت يعني أن التقييد غير مفهوم من نفس اللفظ الدال على ذلك الحكم. بل هو مطلق.