وأجاب العلامة في المختلف عن ذلك بأنه لو قيل إن الاجماع على خلاف دعواه أمكن أن أريد به أكثر الفقهاء، إذ لم يوافقه على ما ذهب إليه من وصلنا خلافة.
وفيه أن خلاف المفيد كما حكيناه محكي في غير موضع من كتب الأصحاب.
وقال المحقق (طاب ثراه) بعد ما قدمنا نقله عنه من أن المفيد والمرتضى أضافا القول بذلك إلى مذهبنا ما صورته: " أما علم الهدى فإنه ذكر في الخلاف أنه إنما أضاف ذلك إلى المذهب لأنه من أصلنا العمل بدليل العقل ما لم يثبت الناقل، وليس في الأدلة النقلية ما يمنع من استعمال المائعات في الإزالة ولا ما يوجبها، ونحن نعلم أنه لا فرق بين الماء والخل في الإزالة، بل ربما كان غير الماء أبلغ، فحكمنا حينئذ بدليل العقل. وأما المفيد فإنه ادعى في مسائل الخلاف أن ذلك مروي عن الأئمة (عليهم السلام) ثم قال: أما نحن فقد فرقنا بين الماء والخل، فلم يرد علينا ما ذكره علم الهدى، وأما المفيد فنمنع دعواه ونطالبه بنقل ما ادعاه " انتهى. وأشار بقوله:
" وأما نحن فقد فرقنا.. الخ " إلى ما يأتي من كلامه في جواب الاحتجاج بالآية.
أقول: ربما عرفت في المقام الثاني من المقدمة الثالثة (1)، من أمر الاجماع وما فيه من النزاع وكذا في المقدمة العاشرة في الكلام على دليل العقل يظهر لك ما في هذا الدليل وأنه غير واضح السبيل، فإنه لا مجال للعقل في الأحكام الشرعية. لبنائها على التوقيف من المبلغ للشريعة " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (2).
(الثاني) قوله تعالى: " وثيابك فطهر " (3) حيث أمر بتطهير الثوب ولم يفصل بين الماء وغيره. حكى ذلك عنه في المختلف، وحكى عنه أيضا أنه اعترض على نفسه فيه بالمنع من تناول الطهارة للغسل بغير الماء، ثم أجاب بأن تطهير الثوب ليس بأكثر من إزالة النجاسة عنه. وقد زالت بغير الماء مشاهدة، لأن الثوب لا يلحقه عبادة.