بالملاقاة مطلقا أو في صورة ورود النجاسة على الماء فلا مجال لهذا الاستبعاد، إذ الطهارة والنجاسة ونحوهما أحكام تعبدية لا مسرح فيها للاستبعادات العقلية.
(ولو قيل): مقتضى القاعدة الكلية القائلة بأن كل ماء قليل أو مائع لاقى نجاسة فهو نجس ينافي ما ذكرتم.
(قلنا): لا عام إلا وقد خص، فإن اللبن في ضرع الميتة طاهر عند جملة من الأصحاب، وعليه تدل صحاح الأخبار، وكذا الإنفحة من الميتة، والصيد المجروح لو وجد في ماء قليل، وما لا يدركه الطرف من الدم عند الشيخ، وماء الاستنجاء بالاجماع والأخبار، وغسالة النجاسة عند من قال بطهارتها. ووجود النظير يدفع الاستبعاد.
ويمكن الجواب أيضا باختيار طهارة ماء الغسالة كما هو اختيار جمع منهم: الشهيد في الذكرى، وهو ظاهر الصدوق في من لا يحضره الفقيه، حيث ساوى بينه وبين رافع الحدث الأكبر، وبه صرح المحدث الأمين الأسترآبادي، وسيأتي تحقيقه في محله إن شاء الله تعالى، وحينئذ يكون الحكم بطهارته مستثنى من كلية نجاسة القليل بالملاقاة وتطهيره. كما استثنى كذلك ماء الاستنجاء، وما لا يدركه الطرف من الدم على قول الشيخ. ويمكن الجواب أيضا بالفرق بين وروده على النجاسة وورودها عليه، كما سيأتي تحقيقه في هذا الفصل (1) إن شاء الله تعالى.
و (أما الرابع) (2) ففيه أنه أيضا قد اشترط الكر كما سيأتيك بيانه (3) وإن كان الفرق بين الاشتراطين أن الأصحاب جعلوا اشتراطه معيار الطهارة والنجاسة، وهو قد جعل اشتراطه معيار معرفة التغير بالنجاسات المعتادة وعدمه مع عدم ظهورها