وما ذكره من احتمال العهد باعتبار تقدم السؤال عن بعض أنواع الماهية لا وجه له، لأن السؤال إنما هو موجود في بعض الروايات، وكثير من الروايات لا سؤال فيها، وبعض ما فيه سؤال أيضا لا ظهور له في أن السؤال عن الماء المجتمع الذي لا اختلاف في سطوحه. سلمنا عدم الظهور في العموم. فلا شك في عدم ظهوره في عدمه أيضا، وعند الشك يبقى الحكم على أصل الطهارة واستصحابها.
أقول: والحكم في المسألة لا يخلو من اشكال، ينشأ من أن المستفاد من أخبار الكر تقارب أجزاء الماء بعضها من بعض.
كقوله (عليه السلام) في صحيحة إسماعيل بن جابر (1) حين سأله عن الماء الذي لا ينجسه شئ فقال: " ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته " ونحوها من الأخبار الدالة على التقدير بالمساحة.
وصحيحة صفوان (2) المتضمنة السؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة، حيث سأل (عليه السلام) فقال: " وكم قدر الماء؟ قال: قلت: إلى نصف الساق وإلى الركبة وأقل. قال: توضأ ".
ويؤيده أيضا أن الكر الذي وقع تحديد الماء الذي لا ينفعل به عبارة في الأصل عن مكيال مخصوص يكال به الطعام، جعلوه (عليهم السلام) معيارا لما لا ينفعل من الماء بالملاقاة.
ويؤيده أيضا أن مع تقارب أجزاء الماء تتوزع النجاسة عليه وتنتشر فتضعف بذلك، وأنه بتقارب أجزائه يتقوى بعضها ببعض.
ويؤيده أيضا أن ذلك متفق عليه ومعلوم قطعا من الأخبار، وما عداه في محل الشك. لعدم ظهور الدليل عليه من الأخبار، وذهاب بعض الأصحاب إليه.