الواقعة في الصورة المفروضة لم تتوزع على المجموع كما في الساكن، فلا يتم كون تقوي الأسفل بالأعلى من باب الموافقة وإن كان مبنيا على وجه آخر فلا بد من ايراده لننظر في صحته وفساده.
أقول: بل الظاهر أنه مبني على ما ذكره المحقق الشيخ حسن في المعالم (1) من أن الوجه فيه أن المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة له، ولا ريب أن تأثير المادة إنما هو باعتبار إفادتها الاتصال بالكثرة، وليس الزائد منها على الكر بمعتبر في نظر الشارع، فيرجع حاصل المقتضي إلى كونه متصلا بالكر على جهة جريانه إليه واستيلائه عليه، وهذا المعنى بعينه موجود فيما نحن فيه، فيجب أن يحصل مقتضاه. ويؤيد ذلك حكم ماء الحمام، فإنا لا نعلم من الأصحاب مخالفا في عدم انفعاله بالملاقاة مع بلوغ المادة كرا، والأخبار الواردة فيه شاهدة بذلك أيضا، وليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل في ذلك. انتهى.
وأنت خبير بما فيه (أما أولا) فلأن ما ذكره من أن المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة له إشارة إلى التعليل الذي تضمنته صحيحة محمد ابن إسماعيل بن بزيع (2) ولا يخفى ما فيه كما تقدم التنبيه عليه في المقالة الرابعة من الفصل الأول (3).