الجواب عنه بما ذكره في المعالم من التزام عدم انفعال ما بعد عن موضع الملاقاة بمجردها قال: " لعدم الدليل عليه، إذ الأدلة الدالة على انفعال ما نقص عن الكر بالملاقاة مختصة بالمجتمع والمتقارب، وليس مجرد الاتصال بالنجس موجبا للانفعال في نظر الشارع، وإلا لنجس الأعلى بنجاسة الأسفل، لصدق الاتصال حينئذ، وهو منفي قطعا، وإذا لم يكن الاتصال بمجرده موجبا لسريان الانفعال فلا بد في الحكم بنجاسة البعيد من دليل. نعم جريان الماء النجس يقتضي نجاسة ما يصل إليه، فإذا استوعب الأجزاء المتجددة ينجسها وإن كثرت. ولا بعد في ذلك، فإنها لعدم استواء سطحها بمنزلة المنفصل، فكما أنه ينجس بملاقاة النجاسة له وإن قلت وكان مجموعه في نهاية الكثرة فكذا هذه " انتهى. وأورد عليه (1) أنه بعد تسليم انفعال ما نقص عن الكر بالملاقاة مع الاجتماع والتقارب لا شك أنه يلزم نجاسة جميع ماء النهر المذكور، لأن النجاسة ملاقية لبعضه وذلك البعض ملاق للبعض الآخر القريب منه وهكذا، فينجس الجميع إذ الظاهر أن القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة لا يفرقون بين النجاسة والمتنجس.
وما ذكره من أن مجرد الاتصال بالنجس لو كان موجبا للانفعال في نظر الشارع لنجس الأعلى بنجاسة الأسفل، ففيه أنه مخصص عن العموم بالاجماع، فالحاق ما عداه به مما لا دليل عليه بل قياس لا نقول به. على أن الفارق أيضا موجود كما ذكره بعض من عدم تعقل سريان النجاسة إلى الأعلى.
وأنت خبير بأن المفهوم من كلام المجيب المذكور اختصاص كل جزء من أجزاء الماء الجاري لا عن نبع بحكم نفسه، وأنه في حكم المياه القليلة المنفصل بعضها عن بعض لهرب السابق عن اللاحق، كما ينادي به قوله: " فإنها لعدم استواء سطحها بمنزلة المنفصل " وحينئذ فلا تقوي بين أجزائه ولا سراية، ومجرد الاتصال لا يوجب