والمعنى إذا سمعت رجلا يتكلم في العلم بما يونقك فهو كالداعي لك إلى مودته ومؤاخاته فلا تعجل بإجابته إلى ذلك حتى تذوقه وتطلع طلع أمره، فإن رأيته يحسن العمل كما أحسن القول فأجبه وقل له: نعم ونعمة عين، وعليك بمؤاخاته وموادته فقوله: آخه بدل من قوله فقل له: نعم ويجوز أن يكون قوله: نعم ونعمة عين في موضع الحال، كأنه قال: فآخه مجيبا له قائلا] له [: نعم ونعمة عين تقول وده وأودده، نحو: غضه وأعضضه، أي أحببه الإدغام تميمي، والإظهار حجازي نعر: قال في هزيمة يزيد بن المهلب: كلما نعر بهم ناعر اتبعوه أي صاح بهم صائح ودعاهم داع، يريد أنهم سراع إلى الفتن والسعي فيها نعم: مطرف رحمه الله تعالى لا تقل: نعم الله بك عينا، فإن الله لا ينعم بأحد عينا، ولكن قل: أنعم الله بك عينا هو صحيح فصيح في كلامهم، وعينا نصب على التمييز من الكاف، والباء للتعدية والمعنى نعمك الله عينا، أي نعم عينك وأقرها وقد يحذفون الجار ويوصلون الفعل فيقولون: نعمك الله عينا، ومنه بيت الحماسة:
ألا ردى جمالك يا ردينا * نعمناكم مع الإصباح عينا وأنشد يعقوب:
وكوم تنعم الأضياف عينا وأما أنعم الله بك عينا، فالباء فيه مزيدة، لأن الهمزة كافية في التعدية تقول: نعم زيد عينا وأنعمه الله عينا ونظيرها الباء في أقر الله بعينه ويجوز أن يكون من أنعم الرجل، إذا دخل في النعيم، فيعدى بالباء، ولعل مطرفا خيل إليه أن انتصاب المميز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظم ذلك، تعالى الله عن أن يوصف بالحواس علوا كبيرا، والذي خيل إليه ذلك أن سمعهم يقولون: نعمت بهذا الأمر عينا، وقررت به عينا والمميز فيه عن الفاعل، والباء بمنزلتها في سررت به وفرحت به، فحسب أن الأمر في نعم الله بك عينا على هيئته في نعمت بهذا الأمر عينا، فمن ثم أتى في إنكاره [ما أتاه] من الانحراف عن الصواب ودفع ما ليس بمدفوع