حضرت النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا فأمر بالبائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك قوله (والمبتاع) أي المشتري (بالخيار) أي إن شاء أخذا وإن شاء ترك قوله (هذا حديث مرسل الخ) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم وروى هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود من طرق بألفاظ ذكرها الحافظ في التلخيص (القول ما قال رب السلعة) أي البائع (قال إسحاق كما قال) أي أحمد (وكل من قال القول قوله فعليه اليمين) يدل على ذلك رواية أحمد والنسائي التي ذكرنا قال الشوكاني قد استدل بالحديث من قال إن القول قول البائع إذا وقع الاختلاف بينه وبين المشتري في أمر من الأمور المتعلقة بالعقد ولكن مع يمينه كما وقع في الرواية الآخرة وهذا إذا لم يقع التراضي بينهما على التراد فإن تراضيا على ذلك جاز بلا خلاف فلا يكون لهما خلاص عن النزاع إلا التفاسخ أو حلف البائع والظاهر عدم الفرق بين بقاء المبيع وتلفه لما عرفت من عدم انتهاض الرواية المصرح فيها باشتراط بقاء المبيع للاحتجاج والتراد مع التلت ممكن بأن يرجع كل واحد منهما بمثل المثلى وقيمة القيمي إذا تقرر لك ما يدل عليه هذا الحديث من كون القول قول البائع من غير فرق فاعلم أنه لم يذهب إلى العمل به في جميع صور الاختلاف أحد فيما أعلم بل اختلفوا في ذلك اختلافا طويلا على حسب ما هو مبسوط في الفروع ووقع الاتفاق في بعض الصور والاختلاف في بعض وسبب الاختلاف في ذلك ما سيأتي من قوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه لأنه يدل بعمومه على أن اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي من غير فرق بين أن يكون أحدهما بائعا والآخر مشتريا أو لا وحديث الباب يدل على أن القول قول البائع مع يمينه والبينة على المشتري من غير فرق بين أن يكون البائع مدعيا أو مدعى عليه فبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فيتعارضان باعتبار مادة الانفاق وهي حيث يكون البائع مدعيا فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى الأمور الخارجة وحديث إن اليمين على المدعى عليه عزاه المصنف يعني صاحب المنتقي في كتاب الأقضية إلى أحمد ومسلم وهو أيضا في صحيح البخاري في الرهن وفي باب اليمين على المدعى عليه انتهى بقدر الحاجة
(٤٠٨)