باب ما جاء في النهي عن التبتل هو في الأصل الانقطاع والمراد به هنا الانقطاع من النساء وترك التزوج قوله رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل أي لم يأذين له حين استأذنه بل نهاه عنه قال النووي وهذا عند أصحابنا محمول على من تاقت نفسه ووجد مؤنه ولو أذن له لاختصينا أي لجعل كل منا نفسه خصيا كيلا يحتاج إلى النساء قال الطيبي كان الظاهر أن يقول ولو أذن له لتبتلنا ولكنه عدل عن هذا الظاهر إلى قوله لاختصينا لإرادة المبالغة أي لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الاختصاء ولم يرد به حقيقة الاختصاء لأنه حرام وقيل بل هو على ظاهره وكان ذلك قبل النهي عن الاختصاء ويؤيده توارد استيذان جماعة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كأبي هريرة وابن مسعود وغيرهما كذا في فتح الباري قال النووي وهذا محمول على أنه كانوا يظنون جواز الاختصاء باجتهادهم ولم يكن ظنهم هذا موفقا فإن الاختصاء في الآدمي حرام صغيرا كان أو كبيرا قال البغوي وكذا يحرم خصاء كل حيوان لا يؤكل وأما المأكول فيجوز خصاؤه في صغره ويحرم في كبره انتهى قلت يدل على عم جواز خصاء البهائم مطلقا صغيرة كانت أو كبيرة مأكولة كانت أو غير مأكولة ما أخرجه البزار قال الشوكاني في النيل بإسناد صحيح من حديث ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الروح وعن إخصاء البهائم نهيا شديدا وأخرجه أيضا البيهقي في سننه الكبرى ويؤد هذا الحديث ما رواه أحمد والطحاوي بإسناد ضعيف عن ابن عمر قال نهى رسول الله الله صلى الله عليه وسمل عن إخصاء الخيل والبهائم ثم قال ابن عمر فيها نماء الخلق قال الشوكاني في النيل تحت هذا الحديث فيه دليل على تحريم خصي الحيوانات وقول ابن عمر فيها نماء الخلق أي زيادته إشارة إلى أن الخصي تنمو به الحيوانات ولكن ليس كل ما كان جالبا لنفع يكون حلالا بل لا بد من عدم المانع وإيلام الحيوان ههنا مانع لأنه إيلام لم يأذن به الشارع بل نهى عنه انتهى كلام الشوكاني وقد استدل بعض الصحابة والتابعين على عدم جواز إخصاء البهائم بقوله تعالى ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ولآمرنهم فليغيرن
(١٧٠)