قوله (وفي الباب عن ابن عباس وحسان بن ثابت) أما حديث ابن عباس فأخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية أبي صالح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج كذا في الترغيب قال الحافظ في التلخيص أبو صالح هو مولى أم هانئ وهو ضعيف وأما حديث حسان بن ثابت فأخرجه أحمد وابن ماجة والحاكم قوله (فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء) قال الحافظ بن حجر وهو قول الأكثر ومحله ما إذا أمنت الفتنة ويؤيد الجواز حديث أنس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال اتقي الله واصبري الخ فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر وتقريره حجة وممن حمل الإذن على عمومه للرجال والنساء عائشة رضي الله عنها فروى الحاكم من طريق ابن أبي مليكة أنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالت نعم ان نهى ثم أمر بزيارتها انتهى قلت ويؤيد الجواز ما رواه مسلم من حديث عائشة قالت كيف أقول يا رسول الله تعني إذا زارت القبور قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين الحديث (وقال بعضهم إنما كره) أي النبي صلى الله عليه وسلم وروى بصيغة المجهول قاله القاري واستدل من قال بالكراهة بأحاديث الباب وبالأحاديث التي وردت في تحريم اتباع الجنائز للنساء كحديث أم عطية عند الشيخين قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا وأجاب من قال بالجواز عن أحاديث الباب بأنها محمولة على زيارتهن لمحرم كالنوح وغيره قال القاري في المرقاة بعد ذكر الأحاديث التي مرت في باب الرخصة فزيارة القبور ما لفظه هذه الأحاديث بتعليلاتها تدل على أن النساء كالرجال في حكم الزيارة إذا زرن بالشروط المعتبرة في حقهن وأما خبر لعن الله زوارات القبور فمحمول على زيارتهن لمحرم كالنوح وغيره مما اعتدنه انتهى وقد تقدم قول القرطبي أن اللعن في حديث الباب للمكثرات من الزيارة وهذا هو الظاهر والله تعالى أعلم
(١٣٧)