من قول ابن عمر أخرجه الخطيب أيضا الا أن سعيدا أخطأ في اسم التابعي فقال عن شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر والمحفوظ جبلة بن سحيم كما قال الجماعة والحاصل أن أصحاب شعبة اختلفوا فأكثرهم رواه عنه مدرجا وطائفة منهم رووا عنه التردد في كون هذه الزيادة مرفوعة أو موقوفة وشبابة فصل عنه وآدم جزم عنه بان الزيادة من قول ابن عمر وتابعه سعيد بن عامر الا أنه خالف في التابعي فلما اختلفوا على شعبة وتعارض جزمه وتردده وكان الذي رووا عنه التردد أكثر نظرنا فيمن رواه غيره من التابعين فرأيناه قد ورد عن سفيان الثوري وابن اسحق الشيباني ومسعر وزيد بن أبي أنيسة فاما الثوري فتقدمت روايته في الشركة ولفظه نهى أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعا حتى يستأذن أصحابه وهذا ظاهره الرفع مع احتمال الادراج وأما رواية الشيباني فأخرجها أحمد وأبو داود بلفظ نهى عن الاقران الا أن تستأذن أصحابك والقول فيها كالقول في رواية الثوري وأما رواية زيد بن أبي أنيسة فاخرجها ابن حبان في النوع الثامن والخمسين من القسم الثاني من صحيحه بلفظ من أكل مع قوم من تمر فلا يقرن فان أراد أن يفعل ذلك فليستأذنهم فان أذنوا فليفعل وهذا أظهر في الرفع مع احتمال الادراج أيضا ثم نظرنا فيمن رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ابن عمر فوجدناه عن أبي هريرة وسياقه يقتضى أن الامر بالاستئذان مرفوع وذلك أن اسحق في مسنده ومن طريقه ابن حبان أخرجا من طريق الشعبي عن أبي هريرة قال كنت في أصحاب الصفة فبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر عجوة فكب بيننا فكنا نأكل الثنتين من الجوع فجعل أصحابنا إذا قرن أحدهم قال صاحبه انى قد قرنت فأقرنوا وهذا الفعل منهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم دال على أنه كان مشروعا لهم معروفا وقول الصحابي كنا نفعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كذا له حكم الرفع عند الجمهور وأصرح منه ما أخرجه البزار من هذا الوجه ولفظه قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرا بين أصحابه فكان بعضهم يقرن فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الا بإذن أصحابه فالذي ترجح عندي أن لا ادراج فيه وقد اعتمد البخاري هذه الزيادة وترجم عليها في كتاب المظالم وفى الشركة ولا يلزم من كون ابن عمر ذكر الاذن مرة غير مرفوع أن لا يكون مستنده فيه الرفع وقد ورد أنه استفتى في ذلك فأفتى والمفتى قد لا ينشط في فتواه إلى بيان المستند فأخرج النسائي من طريق مسعر عن صلة قال سئل ابن عمر عن قران التمر قال لا تقرن الا أن تستأذن أصحابك فيحمل على أنه لما حدث بالقصة ذكرها كلها مرفوعة ولما استفتى أفتى بالحكم الذي حفظه على وقفه ولم يصرح حينئذ برفعه والله أعلم وقد اختلف في حكم المسئلة قال النووي اختلفوا في هذا النهى هل هو على التحريم أو الكراهة والصواب التفصيل فإن كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام الا برضاهم ويحصل بتصريحهم أو بما يقوم مقامه من قرينة حال بحيث يغلب على الظن ذلك فإن كان الطعام لغيرهم حرم وإن كان لأحدهم وأذن لهم في الاكل اشترط رضاه ويحرم لغيره ويجوز له هو الا أنه يستحب أن يستأذن الآكلين معه وحسن للمضيف أن لا يقرن ليساوى ضيفه الا إن كان الشئ كثيرا يفضل عنهم مع أن الأدب في الاكل مطلقا ترك ما يقتضى الشره الا أن يكون مستعجلا يريد الاسراع لشغل آخر وذكر الخطابي أن شرط هذا الاستئذان انما كان في زمنهم حيث كانوا في قلة من الشئ فأما اليوم مع اتساع الحال فلا يحتاج إلى استئذان
(٤٩٤)