الحديث الا من ولده عبد الرحمن عنه (قوله فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجد عندها فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما) ظاهره أن الملاعنة تأخرت إلى وضع المرأة لكن قد أوضحت أن رواية ابن عباس هذه هي في القصة التي في حديث سهل بن سعد وتقدم قبل من حديث سهل أن اللعان وقع بينهما قبل أن تضع فعلى هذا تكون الفاء في قوله فلاعن معقبة بقله فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وأما قوله وكان ذلك الرجل مصفرا إلى آخره فهو كلام اعترض بين الجملتين ويحتمل على بعد أن تكون الملاعنة وقعت مرة بسبب القذف وأخرى بسبب الانتفاء والله أعلم (قوله فقال رجل لابن عباس) هذا السائل هو عبد الله بن شداد بن الهاد وهو ابن خالة ابن عباس سماه أبو الزناد عن القاسم بن محمد في هذا الحديث كما سيأتي في كتاب الحدود (قوله كانت 2 تظهر في الاسلام السوء) أي كانت تعلن بالفاحشة ولكن لم يثبت عليها ذلك ببينة ولا اعتراف قال الداودي فيه جواز عيب من يسلك مسالك السوء وتعقب بأن ابن عباس لم يسمها فان أراد اظهار العيب على الابهام فمحتمل وقد مضى في التفسير في رواية عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن أي لولا ما سبق من حكم الله أي أن اللعان يدفع الحد عن المرأة لأقمت عليها الحد من أجل الشبه الظاهر بالذي رميت به ويستفاد منه أنه صلى الله عليه وسلم كان يحكم بالاجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه وحى خاص فإذا أنزل الوحي بالحكم في تلك المسئلة قطع النظر وعمل بما نزل وأجرى الامر على الظاهر ولو قامت قرينة تقتضى خلاف الظاهر وفى أحاديث اللعان من الفوائد غير ما تقدم أن المفتى إذا سئل عن واقعه ولم يعلم حكمها ورجا أن يجد فيها نصا لا يبادر إلى الاجتهاد فيها وفيه الرحلة في المسئلة النازلة لان سعيد بن جبير رحل من العراق إلى مكة من أجل مسئلة الملاعنة وفيه اتيان العالم في منزله ولو كان في قائلته إذا عرف الآتي أنه لا يشق عليه وفيه تعظيم العالم ومخاطبته بكنيته وفيه التسبيح عند التعجب واشعار بسعة علم سعيد بن جبير لان ابن عمر عجب من خفاء مثل هذا الحكم عليه ويحتمل أن يكون تعجبه لعلمه بأن الحكم المذكور كان مشهورا من قبل فتعجب كيف خفى على بعض الناس وفيه بيان أوليات الأشياء والعناية بمعرفتها لقول ابن عمر أول من سال عن ذلك فلان وقول أنس أول لعان كان وفيه أن البلاء موكل بالمنطق وأنه ان لم يقع بالناطق وقع بمن له به وصلة وأن الحاكم يردع الخصم عن التمادي على الباطل بالموعظة والتذكير والتحذير ويكرر ذلك ليكون أبلغ وفيه ارتكاب أخف المفسدتين بترك أثقلهما لان مفسدة الصبر على خلاف ما توجبه الغيرة مع قبحه وشدته أسهل من الاقدام على القتل الذي يؤدى إلى الاقتصاص من القاتل وقد نهج له الشارع سبيلا إلى الراحة منها اما بالطلاق واما باللعان وفيه أن الاستفهام بأرأيت كان قديما وأن خبر الواحد يعمل به إذا كان ثقة وأنه يسن للحاكم وعظ المتلاعنين عند إرادة التلاعن ويتأكد عند الخامسة ونقل ابن دقيق العيد عن الفقهاء أنهم خصوه بالمرأة عند إرادة تلفظها بالغضب واستشكله بما في حديث ابن عمر لكن قد صرح جماعة من الشافعية وغيرهم باستحباب وعظهما معا وفيه ذكر الدليل مع بيان الحكم وفيه كراهة المسائل التي يترتب عليها هتك المسلم أو التوصل إلى أذيته بأي سبب كان وفى كلام الشافعي إشارة إلى أن كراهة ذلك كانت خاصة بزمنه صلى الله عليه وسلم من أجل نزول الوحي لئلا تقع المسئلة
(٤٠٦)