ابن الحرث العجلاني وهو الذي يقال له عاصم وبين امرأته بعد العصر في المسجد وقد أنكر بعض شيوخنا قوله وهو الذي يقال له عاصم والذي يظهر لي أنه تحريف وكأنه كان في الأصل الذي سأل له عاصم والله أعلم وسبب كراهة ذلك ما قال الشافعي كانت المسائل فيما لم ينزل فيه حكم زمن نزول الوحي ممنوعة لئلا ينزل الوحي بالتحريم فيما لم يكن قبل ذلك محرما فيحرم ويشهد له الحديث المخرج في الصحيح أعظم الناس جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسئلته وقال النووي المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أو إشاعة فاحشة أو شناعة عليه وليس المراد المسائل المحتاج إليها إذا وقعت فقد كان المسلمون يسألون عن النوازل فيجيبهم صلى الله عليه وسلم بغير كراهة فلما كان في سؤال عاصم شناعة ويترتب عليه تسليط اليهود والمنافقين على أعراض المسلمين كره مسئلته وربما كان في المسئلة تضييق وكان صلى الله عليه وسلم يحب التيسير على أمته وشواهد ذلك في الأحاديث كثيرة وفى حديث جابر ما نزلت آية اللعان الا لكثرة السؤال أخرجه الخطيب في المبهمات من طريق مجالد عن عامر عنه (قوله فقال عويمر والله لا انتهى) في رواية الكشميهني ما انتهى أي ما أرجع عن السؤال ولو نهيت عنه زاد ابن أبي ذئب في روايته عن ابن شهاب في هذا الحديث كما سيأتي في الاعتصام فأنزل الله القرآن خلف عاصم أي بعد أن رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى رواية ابن جريج في الباب الذي بعد هذا فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر الملاعنة وفى رواية إبراهيم بن سعد فأتاه فوجده قد أنزل الله عليه (قوله فاقبل عويمر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) بالنصب (وسط الناس) بفتح السين وبسكونها (قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفى صاحبتك) ظاهر هذا السياق أنه كان تقدم منه إشارة إلى خصوص ما وقع له مع امرأته فيترجح أحد الاحتمالات التي أشار إليها ابن العربي لكن ظهر لي من بقية الطرق أن في السياق اختصارا ويوضح ذلك ما وقع في حديث ابن عمر في قصة العجلاني بعد قوله إن تكلم تكلم بأمر عظيم وان سكت سكت على مثل ذلك فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان بعد ذلك أتاه فقال إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فدل على أنه لم يذكر امرأته الا بعد ان انصرف ثم عاد ووقع في حديث ابن مسعود أن الرجل لما قال وان سكت سكت على غيظ قال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم افتح وجعل يدعو فنزلت آية اللعان وهذا ظاهره أن الآية نزلت عقب السؤال لكن يحتمل أن يتخلل بين الدعاء والنزول زمن بحيث يذهب عاصم ويعود عويمر وهذا كله ظاهر جدا في أن القصة نزلت بسبب عويمر ويعارضه ما تقدم في تفسير النور من حديث ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم البينة أو حد في ظهرك فقال هلال والذي بعثك بالحق انني لصادق ولينزلن الله في ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل فأنزل عليه والذين يرمون أزواجهم الحديث وفى رواية عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس في هذا الحديث عند أبي داود فقال هلال وانى لأرجو أن يجعل الله لي فرجا قال فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذا نزل عليه الوحي وفى حديث أنس عند مسلم أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء وكان أخا البراء بن مالك لامه وكان أول رجل لاعن في الاسلام فهذا يدل على أن الآية نزلت بسبب هلال وقد قدمت
(٣٩٦)