قال الشاعر:
ولست بهياب إذا شد رحله * يقول عداني اليوم واق وحاتم والحاتم: الغراب، فكأنه عليه الصلاة والسلام جعل رؤيا الانسان التي يتروع لها ويخاف ضررها، بمنزلة الشئ الذي يتطير به وقد يجوز أن يكون ويجوز ألا يكون، فإذا عبرها فعبرت له على ما يكره وقع متوقعها، وخلص للشر مجوزها (1). ويشبه ذلك ما حكى عن بعض المتقدمين أنه قال: علم النجوم فأل فلكى، كأنه يشير إلى أن يتفاءل بالسعود (2) تعرضا لها، ويتطير بالنحوس تباعدا منها. وجميع ذلك ما يجوز أن يقع، ويجوز ألا يقع، ولما جعل عليه الصلاة والسلام الرؤيا بمنزلة الطائر المتطير به جعل تعبيرها على الامر المكروه بمنزلة وقوع الطائر موافقة بين أنحاء الكلام حتى تقع مواقعها، وتطبق مفاصلها، وقوله عليه الصلاة والسلام من بعد: فلا تحدثن بها إلا حبيبا أو لبيبا، يريد به النهى عن قصتها إلا على محب ناصح، أو لبيب راجح، لان المحب للانسان يتعمد حمل أموره على أجملها، ويتوخى مسرته بتحسين ما يحسن منها. وبخلاف ذلك يكون المبغض المباعد، والكاشح الموارب (3). وأما اللبيب وهو