إليكم إليكم (1) وما يستطيعون له إلا لزوما ". وهذا القول مجاز، والمراد أن الله تعالى جعل للفعل المعروف علامات، وعلى فعل المنكر أمارات، ووعد على فعل المعروف حلول دار النعيم، وأوعد على فعل المنكر خلود دار الجحيم، فكان بين الامرين الحجاز البين والفرقان النير، فكأن المعروف يدعو إلى فعله لما وعد عليه من الثواب، وكأن المنكر ينهى عن فعله لما وعد عليه من العقاب فلذلك قال عليه الصلاة والسلام " فيقول المنكر لأهله إليكم إليكم " على طريق الأنساع والمجاز، وقوله عليه الصلاة والسلام من بعد: وما يستطيعون له إلا لزوما، المراد به أنهم مع قوارع النذر، وصوادع الغير، وزواجر التحذير، وبوالغ الوعيد، يتنازعون إلى فعله، ويتسارعون إلى ورده، وليس المراد أنهم لا يستطيعون له إلا لزوما على الحقيقة، وإنما قيل ذلك على طريق المبالغة في صفتهم بالنزوع إليه والاصرار عليه كما يقول القائل: ما أستطيع النظر إلى فلان أو لا أستطيع الاجتماع مع فلان: إذا أراد المبالغة في نفسه بشدة الابغاض لذلك الانسان، والاستثقال لرؤيته، والنفور من مقاعدته، وإن كان على الحقيقة مستطيعا لذلك بصحة أدواته (2)، والتمكن
(٣٢٩)