فجعل الصلاة أيضا تتضمن معنى الجهاد. فأما ما روى في الخبر من أنه عليه الصلاة والسلام قال حاكيا عن الله تعالى: " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به ". فليس ما فيه من تفضيل الصوم بدال على أن غيره من العبادات ليس بأفضل منه، وإنما وجه اختصاصه بالذكر من بين العبادات على التعظيم له لأجل ما قدمنا ذكره من أنه يفعل إلا على محض الاخلاص، ولا يتأتى في حقيقته شئ من الرياء والنفاق، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
" ليس في الصوم رياء "، وهذا بيان للمعنى الذي تكلمنا عليه.
وحكى عن سفيان بن عيينة في تفسير هذا الخبر أنه قال: الصوم هو الصبر، لان الانسان يصبر عن المطعم والمشرب والمنكح، وقد قال تعالى: " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". يقول:
فثواب الصوم ليس له حساب يعلم من كثرته على قدر كلفته ومشقته.
والاستعارة الأخرى قوله عليه الصلاة والسلام: " والصدقة تطفئ الخطيئة "، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام جعل الخطيئة بمنزله النار من حيث كانت مفضية إلى عذاب النار، وجعل الصدقة مطفئة لها، إذا كثرت فأثرت في سقوط عقابها. وهذا القول يصح على طريقة من يقول بالموازنة (1)، فإذا كان عقاب الخطيئة مائة