بدل قوله: لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، ليس في الحج رفث ولا فسوق ولا جدال فهل يمكن القول بان (ليس) أيضا استعملت في معنى النهى؟ - هذا مضافا إلى عدم امكان إرادة النهى من بعض هذه التراكيب بوجه من الوجوه وهو يمكن ان يقال إن معنى قوله (لا اخصاء في الاسلام) هو (لا تخصوا في الاسلام) وهل لنا انس بهذا التعبير وهل الاسلام يمكن أن يكون ظرفا للاخصاء؟.
واما ما نقله (قدس سره) عن أئمة اللغة فلعل نظرهم إلى النتيجة والمغزى لا إلى المعنى المطابقي كما هو دأبهم في سائر المقامات لما قد عرفت من انا لا نضائق عن القول بإرادة معنى النهى بالمآل عن هذا النفي بعنوان الكناية وإنما الكلام هنا في مفاد كلمة (لا) هذا مضافا إلى أن حجية قولهم في أمثال هذه التراكيب التي نعلم وضع مفرداتها بل و هيئاتها في الجملة من دون الحاجة إلى الرجوع إليهم مشكل ولو قلنا بحجية قول اللغوي.
هذا كله مع ما عرفت في مقدمات البحث من قوة احتمال ورود هذه الفقرة ذيل رواية الشفعة التي لا تناسب النهى أصلا بل ظاهرها النفي لجعلها كبرى كلية للحكم الوضعي المذكور في صدر الرواية ولو قلنا بورود قيد (في الاسلام) بعد قوله لا ضرر ولا ضرار كان إرادة النفي هنا أوضح كما مر في المقدمات.
واما المعنى الثالث فغاية ما يمكن ان يقال في توجيهه ان الضرر إذا كان متداركا لم يصدق عليه عنوان (الضرر) بنظر العرف وان صح اطلاقه عليه بالدقة العقلية فنفى الشارع للضرر على الاطلاق مع ما نرى من وجوده في الخارج دليل على أن جميع أنواع الضرر الحاصلة من ناحية المكلفين متداركة بحكم الشرع، وان فاعلها مأمور بتداركها وجبرانها، والا لم يصح نفيها، فهذا القيد أعني (عدم التدارك) إنما يستفاد من الخارج من باب دلالة الاقتضاء.
وأورد عليه العلامة الأنصاري قدس سره بعد عده أردء الوجوه بان الضرر الخارجي لا ينزل منزلة العدم بمجرد حكم الشارع بلزوم تداركه وإنما يصح ذلك إذا كان الضرر متداركا فعلا وخارجا، واستحسنه المحقق النائيني (قده) وقال: انه حرى بالتحقيق