في الخارج، فنفى التكليف الضرري يستلزم نفى وجود الضرر في هذا الوعاء ولو من طريق اعدام إرادة المكلفين المنبعثة عنه، فكأنه وقع الخلط في كلامه قدس سره بين ظرفي الخارج والتشريع.
وهذه الايرادات واردة على التقريب الذي اختاره المحقق النائيني في بيان الوجه الأول، واما ما يرد على هذا الوجه على جميع تقريباته ويهدم بنيانه من القواعد فهو: انه مبنى علي ان الفاعل للضرر في قوله لا ضرر ولا ضرار هو الشارع المقدس بان يكون المنفى في الحقيقة اضرار الشارع بالمكلفين، ومآله إلى نفى الأحكام المستلزمة للضرر فحاصل معنى الرواية على هذا انه لا ضرر ولا ضرار من ناحية الشارع على المكلفين فإنه لم يكتب عليهم أحكاما وضعية أو تكليفية توجب الاضرار بهم كلزوم البيع الغبني على المغبون ووجوب الوضوء والصوم الضرريين وغيرها من أشباهها، فنفى العبادات الضررية بهذه القاعدة تنادي بأعلى صوته بان الفعال للضرر في هذه الفقرة عندهم هو الشارع لا غير.
مع أن هناك قرائن كثيرة تشهد على أن الفاعل هو الناس بعضهم ببعض، فالمنفى في الحقيقة نفى جواز اضرار بعضهم ببعض (وضعا أو تكليفا) لا أقول إن النفي بمعنى النهى كما اختاره المحقق الأصفهاني، بل هو بمعناه الأصلي ولكن المنفى هو الضرر الناشئ من ناحية المكلفين، وسيأتي تحقيق هذا المعنى وبيان نتائجه عند بيان المذهب المختار انشاء الله، والذي يدل على أن الفاعل في هذه الفقرة هو الناس لا الشارع المقدس أمور:
منها - ان قوله صلى الله عليه وآله (انك رجل مضار) بمنزلة الصغرى لقوله (لا ضرر ولا ضرار) ولا شك ان الفاعل في هذه الجملة هو (سمرة بن جندب) فهو من أقوى الشواهد على أن الفاعل في الفقرة الثانية أيضا هم المكلفون لا غير.
ومنها - ان كلمة (ضرار) بماله من المعنى وهو الضرر العمدي الناشئ عن الأغراض الفاسدة كما قويناه لا تناسب كون الفاعل هو الشارع المقدس قطعا، لأن احتمال اضرار الشارع بالمكلفين بهذا الوجه منفى مطلقا عند كل أحد من غير الحاجة إلى البيان