في ضمن أحكام كليه، كنصب امراء الجيوش والقضاة وجباة الصدقات وأمثالها مما لا يحيط الأحكام الكلية بجزئياتها وتختلف بحسب الأزمنة والظروف فهذه الأمور وان كانت أحكامها الكلية واردة في الشرع بنحو بسيط، مثل ما ورد في صفات القاضي و جابى الصدقة وغير ذلك، الا ان تشخيص مواردها وتطبيقها على مصاديقها موكولة إلى نظر السلطان وولى الامر. واما غير هذه الأمور من الأحكام الكلية الواردة على موضوعاتها الكلية فليست بيد السلطان بل بيد الشارع المقدس، وليس للنبي تشريع في قبال تشريع الله حتى يكون هناك تشريعان في الأحكام الكلية.
وان شئت قلت: ما من (موضوع كلى) إلا وله حكم كلى في الشرع من قبل الله سبحانه و ح لا يبقى مورد لتشريع النبي صلى الله عليه وآله أحكاما كلية على موضوعاتها الكلية، وإنما سلطانه صلى الله عليه وآله على تعيين مصاديقها، وتطبيق مصالح المسلمين على مواردها فيما يختلف باختلاف الظروف المختلفة، ومن المعلوم ان الضرر والضرار من الموضوعات الكلية التي تحتاج إلى حكم كلى فليستا في حيطة سلطنة ولى أمر المسلمين بل في حيطة التشريع الإلهي لا غير. نعم لو كان حكمه مقصورا على قلع شجرة سمرة أمكن القول بأنه من قبيل الأحكام السلطانية ولكن ليس كذلك.
وثالثا - الظاهر أن حكمه صلى الله عليه وآله في قضية سمرة كان من باب القضاء وكان المقام من مقامات التنازع في الحقوق والأموال، غاية الأمر انه قد يكون النزاع ناشيا من الجهل بالحكم وأخرى من الجهل بمصاديقه. والشاهد على ذلك أن سمرة - كما يظهر من الرواية - كان يدعى ان وجوب الاستيذان من الأنصاري تضييق في دائرة سلطنته فيما كان له من حق العبور إلى نخلته، فلذا قال: أستاذن في طريقي إلى عذقي؟ والأنصاري يرى أن له الزامه بذلك فشكاه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقضى له عليه، ثم ذكر حكما عاما شرعيا يستفاد منه أحكام أشباهه ويشهد بذلك ما ورد في الرواية من التعبير بالقضاء وذكره في ضمن أقضية النبي صلى الله عليه وآله في روايات الفريقين وقد كان هذا العنوان (عنوان القضاء) مستعملا في هذا المعنى من لدن زمن النبي صلى الله عليه وآله إذا كان محفوظا بقرينة الدعوى والشكوى والمنازعة.