خصوصا لو أريد من لزوم التدارك وجوبه التكليفي من دون اشتغال ذمة الضار بشئ، فإن مجرد حكم الشارع بوجود تداركه لا يبرر عده كالعدم.
هذا والانصاف ان شيئا مما ذكراه - أعلى الله مقامهما - غير وارد على هذا الوجه بل لقائله ان يقول: ان النفي هنا بلحاظ عالم التشريع والخارج كما التزم به المحقق النائيني في بيان مختاره على ما عرفت في الوجه الأول، فالشارع لا يرى الضرر الذي حكم بتداركه من قبل الضار ضررا في عالم التشريع، لأنه متدارك فعلا بلحاظ حكمه، فلا يرى منه بهذا النظر عين ولا اثر فالتدارك فعلى بهذه الملاحظة لا شأني.
ومنه تعرف انه لا فرق في ذلك بين الالزام تكليفا بتدارك الضرر أو اشتغال ذمة الضر بشئ لأن وجهة نظر الشارع في مقام التشريع في الحقيقة إلى من يأتمر بأوامره وينتهي بنواهيه، ولولا ذلك لم يكن لاشتغال الذمة أيضا اثر في عده كالمعدوم إذا فرضنا المكلف عاصيا غير معتن بتشريعات الشارع المقدس وأحكامه الوضعية والتكليفية.
نعم يرد على هذا الوجه أمران آخران يخربان بنيانه من القواعد: أحدهما - انه لو كان مراده النفي بلحاظ عالم التشريع (وقد عرفت انه لا مناص منه) فلا داعى لتقييد الضرر المنفى بغير المتدارك بل يجوز نفى وجود الضرر بهذا اللحاظ مطلقا فيرجع إلى عدم جعل الأحكام الضررية كما هو مفاد الوجه الأول فلا تصل النوبة إلى هذا الوجه، والحاصل انه لا دليل على تقييد نفى الضرر بغير المتدارك على كل حال ثانيهما ان التدارك في عالم التشريع بل وفى الخارج أيضا لا يكفي في سلب عنوان الضرر حقيقتا عما هو مصداقه مع قطع النظر عن التدارك بل هو نوع من التسامح العرفي أو نحو من المجاز بلحاظ الاشتراك في الآثار، فإن الضرر المتدارك في حكم العدم من جهة كثير من الآثار نعم لو كان التدارك من جميع الجهات والحيثيات بحيث لا يرى أهل العرف فرقا بين التالف والبدل في شئ من الخصوصيات حتى من جهة الزمان بان يكون التدارك بعد التلف بلا فصل أمكن الحكم بسلب عنوان الضرر منه بالنظر العرفي وإن كان ضررا بالدقة العقلية، ولكنه أيضا غير صاف عن شوب الاشكال واما الوجه الأول فغاية ما يمكن ان يقال في تقريبه هو ما ذكره المحقق النائيني