استقصاء قضايا النبي صلى الله عليه وآله ولا (عبادة) كان بصدد بيان خصوصيات قضاياه.
ويجاب عن الثاني بأنه يمكن أن يكون ذكر (ولا ضرار) بعد قوله (لا ضرر) من قبيل الاستشهاد بثلث فقرات من حديث الرفع (رفع ما أكرهوا عليه وما لم يطيقوه وما أخطأوا) في رواية البزنطي وصفوان عن أبي الحسن عليه السلام الواردة في رجل أكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك، فإن مورد استشهاده عليه السلام لم يكن جميع الثلاثة، بل خصوص رفع الاكراه، وهذا أمر شايع عند الاستشهاد بالقضايا التي تشتهر بعبارة مخصوصة وجيزة، فإنها كثيرا ما تنقل بجميعها في مقام الاستشهاد وإن كان مورد الاستشهاد خصوص بعض فقراتها، فذكر لا ضرار في كلام النبي صلى الله عليه وآله عقيب قوله لا ضرر عند قضائه في الشفعة أو منع فضل الماء، تتميما لهذه القضية التي اعتمد عليها في غير مقام لا ينافي عدم انطباقه على مورد الحديثين، وان هذا الأمثل سؤال بعضنا عن بعض عن حكم النائم والجواب عنه بما ورد من رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ، مع أن مورد الاستشهاد إحدى فقراتها فقط، هذا مضافا إلى أن منافاة قوله (ولا ضرار) لمورد الحديثين غير واضح كما سيأتي البحث عنه انشاء الله عند البحث عن معنى كلمتي الضرر والضرار فانتظر.
ويدفع الثالث ان حمل النهى في مسألة منع فضل الماء على الكراهة غير معلوم، بيان ذلك: ان القدر المتيقن من مورد الرواية هو ما إذا كان الممنوع في حاجة شديدة، ويشق عليه تحصيل ماء آخر لسقيه أو سقى مواشيه بحيث لو منع من فضل ماء البئر وقع في مضرة شديدة وحرج وضيق في المعيشة، ولا اطلاق لها يشمل غير هذه الصورة، فإنها واردة في حق أهل بوادي المدينة ومن ضاهاهم والظاهر أن الامر بالنسبة إليهم، وتلك الابار في ذاك العصر كان من هذا القبيل ولا أقل من الشك فلا يمكن التعدي عنها إلى غير هذه الموارد. ثم إنه لا يبعد من مذاق الشارع المقدس ان يأمر مالك البئر ان لا يمنع فضل مائه في أمثال المقام اما مجانا وبلا عوض أو في مقابل القيمة، على خلاف في ذلك بين القائلين بوجوب البذل كما عرفت شرحه عند نقل الأحاديث رعاية لمصالح جمع من ذوي الحاجة من المسلمين. وقاعدة تسلط الناس على أموالهم