وقد يقال برجوع هذا القول إلى قول صاحب المدارك حيث إن نفى اعتبار عدم المندوحة في الشق الأول إنما هو باعتبار جميع الوقت، لا بالنسبة إلى خصوص الوقت الذي يؤدى الصلاة فيه مثلا، ومن المعلوم ان صاحب المدارك القائل باعتباره مطلقا لا يقول به في جميع الوقت لأنه مما لم يقل به أحد فيما نعلم... والامر سهل.
وهناك قول رابع وهو التفصيل الذي اختاره شيخنا الأعظم العلامة الأنصاري قدس سره وحاصله:
ان هناك صور ثلث:
الأول: ما إذا كان المتقى قادرا على الامتثال الواقعي من دون تعويض في الزمان والمكان كما إذا كان عمله في الظاهر على وفق مذهب المتقى منه، مع اتيانه بالعمل الصحيح الاختياري واقعا، كمن يقرء (مثلا) خلف إمامهم سرا وهو يريهم انه لا يقرء، من دون أي محذور. فهذا مما لا يصح التقية فيه لوجود المندوحة بلا حاجة إلى تغيير زمانه أو مكانه الثاني: ما إذا في ضرورة بالنسبة إلى بعض الوقت دون تمامه، فلو أراد الصلاة مثلا في أول وقتها لم يمكنه الا بالتقية. فهذا صحيح مجز، ولا يعتبر عدم المندوحة في تمام وقتها.
الثالث: ما إذا كان في ضرورة بالنسبة إلى مكان خاص دون جميع الأمكنة، كمن لا يقدر على ترك التقية في مسجد النبي صلى الله عليه وآله أو المسجد الحرام مع قدرته على العمل الصحيح التام في غيرهما، وهذا أيضا مجز فلا يعتبر عدم المندوحة في كل مكان.