لما ذكرنا في محله من عدم استحالة ذلك أصلا.
بل من جهة ظهور أدلتها في تنزيل المؤدى فقط وانصراف اطلاقاتها إليه وعدم النظر إلى تنزيل نفسها منزلة العلم.
وما قد يقال من الفرق بين العلم المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتية، والمأخوذ فيه على وجه الطريقية، بجواز ذلك في الثاني دون الأول، كما قد يستظهر من عبارات شيخنا العلامة الأنصاري في باب القطع من الرسائل (وان حكى عنه في بعض تحقيقاته فيما كتبه في القضاء عدم جواز ذلك من دون تفصيل) فهو مما لا محصل له ولا دليل على هذه التفرقة بل يرد عليه:
أولا - ان اخذ العلم في الموضوع على نحو الصفتية مجرد فرض لا يظن وقوعه في شئ من الأدلة الشرعية، فإن النظر إلى العلم دائما تكون من ناحية إرائته للواقع، و لا ينظر إليه بما هو صفة من صفات صاحبه.
وبعبارة أخرى إنما يؤخذ العلم في الموضوع بملاك انه نور لغيره (وكونه نورا لصاحبه مستند إلى ذلك) فكلما اخذ في الموضوع كان بهذا الملاك، وإن كان فرض اخذه بما انه صفة خاصة لصاحبه غير مستحيل ولكنه كما عرفت مجرد فرض.
وثانيا - ان اخذه في الموضوع على نحو الطريقية دليل على أن هذه المرتبة من إرائة الواقع يقوم بها الملاك ولذا لا يكتفى بما دونه من المراتب من الظن وغيره حتى الظن القوى الا ان يبلغ حد الاطمينان الذي يسمى علما عرفا.
نعم لو قام دليل على اعتبار شئ من الظنون وتنزيله منزلة العلم من جهة الآثار المترتبة على نفس العلم والظن، كان حاكما على تلك الأدلة الدالة على اخذ العلم في موضوع حكم، ولما كانت أدلة حجية الظنون ظاهرة في تنزيل نفس المؤدى فقط لم يجز الركون إليه في ذلك.
وقد يقال: ان كثرة اطلاق العلم والمعرفة على الأمارات الظنية سندا ودلالة،