امضاء لما عند العقلاء من الحكم بالصحة بعد الفراغ والتجاوز عن العمل (بل لعل الامر في جميع الأمارات الشرعية كذلك، فليس فيها تأسيسا جديدا على خلاف ما استقر عليه نباء العقلاء) ومن الواضح عدم استقرار بناء العقلاء على الحكم بالصحة في صورة الغفلة المحضة.
فلا محيص عن الحكم ببطلان العمل في هذه الصورة واعادته بمقتضى قاعدة الاشتغال الا ان يقوم دليل أخرى على الصحة.
ويجب التنبيه هنا على أمور:
الأول - لا يخفى انه إذا كان هناك امارة شرعية كالبينة أو حجة عقلية كالقطع فاعتمد عليها المكلف حين الفعل ثم تبين خطائها بعده، كما صلى إلى جهة يعلم أنها قبلة، أو قامت امارة شرعية عليها، ولكن تبين له بطلان منشأ قطعه وفساد الامارة بعد ما صلى ولكنه يحتمل كون الجهة التي صلى إليها قبلة من باب الاتفاق، فلا اشكال في أنه محكوم بحكم الغفلة، لأن الاحراز المذكور كان فاسدا، مع كون صورة العمل محفوظة عنده، لعلمه بالجهة التي صلى إليها، ولكن لا يعلم أنها كنت هي القبلة، أو غيرها؟!
فلو صادفت القبلة لم يكن من ناحية (الذكر حين العمل) لأن المفروض علمه بعدم كونه أذكر حينه، بل إنما هي من باب الصدفة والاتفاق.
وليس هذا من قبيل الشك في انطباق (المأمور به) على (المأتى به) كما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) في الأمر الخامس الذي ذكره في المسألة بل من قبيل انطباق (المأتى به) على (المأمور به) صدفة واتفاقا عند الغفلة.
والعجب منه (قدس سره) انه جعله من ذاك الباب، وعقد له ولأشباهه بابا مستقلا، وكلامه في هذا المقام لا يخلو عن تشويش واضطراب فراجع.
الثاني مما يجب التنبيه عليه هو ان المراد بالغفلة هنا هو الغفلة المحضة أعني الذهول عن العمل عند أدائه مطلقا اجمالا وتفصيلا، نظير مسألة الخاتم في الوضوء فإن المفروض