واما الوضوء لو قلنا بكونه شرطا بعينه (لا الطهارة الحاصلة منه) فالشرط في مورده حقيقة هو تأخر الصلاة عنه، وهو صفة لاحقة للصلاة، والا فالعمل المستقل المأتى به قبلا أو بعدا إذا لم ينتزع منه عنوان (التعقب) أو (اللحوق) أو مثلهما الذي يكون من الأوصاف المقارنة للمشروط لا معنى لكونه شرطا.
هذا ولكن الشرط من ناحية استقلال منشأ انتزاعه في الوجود، وعدم استقلاله، على اقسام:
أحدها - ما يستقل في الوجود ولا يمكن تحصيلها لمجموع المشروط الا قبله، كالطهارة، فإن تحصيلها لمجموع الصلاة لا يكون الا قبلها.
ثانيها - ما يستقل في وجوده، ولكن يمكن تحصيله في الأثناء لكل جزء، كالاستقبال والستر وغيرهما.
ثالثها - ما لا يستقل في وجوده، كالموالاة فإنها أم ينتزع من نسبة خاصة بين اجزاء الصلاة، وليست كالطهارة أو الاستقبال حتى يمكن تحصيلها ولو بدون الصلاة.
ففي جميع هذه الأقسام إذا كان الشك بعد الفراغ عن المشروط بتمامه، كما إذا شك بعد التسليم في شئ منها فلا اشكال في جريان القاعدة فيها والحكم بصحتها، لشمول اطلاقات الأدلة على جميع المباني، نعم يجب تحصيل الشرط المشكوك للأعمال الآتية لما أشرنا إليه في الأمر الرابع فراجع.
وأما إذا كان الشك في أثنائها فقد يقال بأنه لا اشكال أيضا في جريان القاعدة في القسم الأول، لأن المفروض عدم امكان تحصيله الا قبل العمل، فهو أمر قد تجاوز عنه ودخل في غيره.
وهذا إنما يتم إذا قلنا بشرطية نفس الوضوء مثلا، وقد عرفت ما فيه من الاشكال، و أما إذا قلنا بشرطية الطهارة الحاصلة منها فاجرائها فيه مشكل، والوجه فيه ان مجرد عدم امكان تحصيله الا قبل العمل لا دخل له فيما نحن بصدده، لأن المأمور به هو الحالة الحاصلة منه، المقارنة للعمل، وما يؤتى به قبله فهو من قبيل المقدمة له، ومجرد ذلك لا يوجب