كما حكاه المحقق المذكور، ساقط جدا لا لما ذكره فقط، بلى لأن تصادق مورد الضرر والحرج لو ثبت فإنما هو في مورد الاضرار على النفس لا في مورد الاضرار بالغير فمثل دخول (سمرة بن جندب) على الأنصاري بلا اذن منه كان ضررا عليه مرفوعا بحكم قاعدة نفى الضرر، ولكن لم يكن هذا فعلا حرجيا لا لسمرة ولا للأنصاري، اما الأول فواضح واما الثاني فلانه لم يكن دخول سمرة فعلا للأنصاري، نعم دخوله بلا اذن كان ضيقا على الأنصاري، ولكن من الواضح ان قاعدة لا حرج لا ينفى كل ضيق حاصل من أي ناحية بل الضيق والحرج المرفوع بها هو ما حصل من ناحية التكاليف الواردة في الشرع، فقوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) أي ما جعل عليكم تكليفا يلزم منه الحرج والضيق، بقرينة قوله (عليكم) وان شئت قلت: عمومات نفى الحرج إنما تنفى الحرج الحاصل من ناحية التكاليف الشرعية على نفى المكلفين بها، واما الحرج والضيق الحاصل من أفعالهم على غيرهم فلا دلالة لها عليه، وإنما المتكفل له قاعدة لا ضرر. ولا فرق في ذلك بين شمول قاعدة نفى الحرج للعدميات أيضا وبين اختصاصها بالوجوديات فقط وإذ قد ثبت ان النسبة بينهما عموم من وجه فالحكم في موارد تعارضها هو تساقطهما في مورد الاجتماع والرجوع إلى غيرهما، الا أن يكون هناك مرجحات خاصة في بعض الموارد، كاهتمام الشارع ببعض المواضيع مثل حقوق الناس وأشباهها فيعمل بها.
واما ما ذكره قدس سره بقوله (أولا) وحاصله توقف حكومة أدلة لا حرج على أدلة نفي الضرر على شموله للعدميات، ففيه ان موارد التعارض لا تنحصر بمورد السؤال مما يكون الطرفان من قبيل النقيضين أحدهما وجودي والاخر عدمي، بل قد يكون من قبيل الضدين وذلك كما إذا كان القيام في مكان موجبا للضرر على غيره والقيام في غير ذاك المكان حرجا عليه نفسه ودار امره بينهما، فالتعارض في هذا المثال وأشباهه ثابت من دون توقف على شمول لا حرج للعدميات، نعم خصوص المثال الذي ذكره الشيخ الأعظم قده في كلامه يكون من قبيل المتناقضين، ولكن ما ادعاه المحقق النائيني ظاهر في انحصار مورد تعارضهما بالمتناقضين كما يظهر لمن تدبر في كلامه.