العسر والحرج والضرر، ما هو زائد على ما هو لازم لطبايع التكاليف الثابتة بالنسبة إلى طاقة أوساط الناس، المبرئين عن المرض والقدر الذي هو معيار التكاليف، بل هي منفية من الأصل الا ما ثبت وبقدر ما ثبت.
والحاصل انا نقول: ان المراد ان الله سبحانه لا يريد بعباده العسر والحرج والضرر الا من جهة التكاليف الثابتة بحسب أحوال متعارف الأوساط وهم الأغلبون، فالباقي منفى سواء لم يثبت أصله أصلا أو ثبت ولكن على نهج لا يستلزم هذه الزيادة. ثم قال:
ان ذلك النفي اما من جهة تنصيص الشارع، كما في كثير من أبواب الفقه من العبادات وغيرها، كالقصر في السفر والخوف في الصلاة والافطار في الصوم ونحو ذلك، واما من جهة التعميم كجواز العمل بالاجتهاد لغير المقصر في الجزئيات كالوقت والقبلة، أو الكليات كالأحكام الشرعية (انتهى).
أقول - عبارته المحكية عنه قدس سره وان كانت لا تخلوا عن اجمال وابهام الا ان الظاهر أن مراده ان الأصل الأولى في الأحكام عدم كونها حرجية ولا ضررية، وإنما يخرج من هذا الأصل في موارد ثبت فيها تكليف حرجي أو ضررى اما بالعموم أو بالخصوص فيقتصر في هذه الموارد التي ثبت فيها تكاليف حرجية أو ضررية على ما ثبت وبقدر ما ثبت، واما الزائد عليها فهو منفى بهذه القاعدة.
غاية الأمر ان التكاليف الحرجية الثابتة بادلتها تنصرف إلى طاقة أوساط الناس المبرئين عن الأمراض والاعذار، واما بالنسبة إلى غيرهم فحيث لا دليل على اثباتها فهي أيضا منفية بهذه القاعدة.
واما ما ذكره في آخر كلامه فالظاهر أنه ناظر إلى أن نفى الحرج والضرر قد يكونان بعمومات هذه القاعدة، وأخرى بتنصيص الشارع عليه خصوصا، كما في صلاة القصر في السفر، والافطار في الصوم في السفر وللمريض والشيخ الكبير وأشباههم، وثالثة بتنصيصه عليه عموما، كتجويزه العمل بالظن في الموضوعات كالوقت والقبلة لجميع آحاد الناس غير المقصر منهم، وفى الأحكام الشرعية الكلية للمجتهدين خاصة، هذا حاصل ما يستفاد من كلامه.