تعالى (ما جعل عليكم في الدين من حرج) لنفى الحكم عن جميع الافراد مع عدم كونه حرجيا الا في حق غالبهم، مثل رواية أبي بصير الدالة على عدم انفعال الماء الكر.
مستندا إلى عموم هذه الآية، مع أن من المعلوم عدم لزوم العسر والحرج من عدم هذا الحكم على جميع المكلفين وكذلك غيره. وهذه الرواية وأمثالها هي غاية ما يمكن ان يستشهد به للوجه الثاني.
ولكن يمكن ان يجاب عنه بما ذكرناه عند ذكر روايات الباب من أن استنادهم عليهم السلام بهذه الفقرة من الآية الشريفة على وجهين: تارة يكون بعنوان العلة للحكم ويكون ضابطة كلية يعطى بيد المكلفين ويدور الحكم معه حيثما دار، كما في رواية عبد الأعلى مولى آل سام فيمن عثر وانقطع ظفره الخ ولا اشكال في أن الحرج في أمثال هذه الموارد اخذ شخصيا.
وأخرى بعنوان حكمة الحكم أعني ما كان داعيا وباعثا على تشريعه وإن كان هناك بواعث اخر غيرها فيكون كالمعدات أو العلل الناقصة ومن الواضح ان الحكم في هذه الموارد لا يدور مدار العلة، بل قد يتجاوز عنها إلى غيرها، وقد لا يشمل جميع مواردها، ولذا لا يجوز الاستناد إلى ما ورد في أدلة الأحكام من علل التشريع ولا يعامل معها معاملة المنصوص العلة، فلا يكون جامعا ولا مانعا.
وما يتوهم ان الحرج قد اخذ فيه نوعيا في الحقيقة من قبيل القسم الأخير أعني ما يكون حكمة للحكم فالحرج فيه أيضا شخصي ولكن دائرة التعليل لا تنطبق على دائرة الحكم لا ان الحرج فيه نوعي فتدبر.
والحاصل ان استدلالهم عليهم السلام في بعض الموارد التي يكون الحرج فيها نوعيا بآية نفى الحرج لا يكون دليلا على الوجه الثاني، ولا يجوز التعدي منه إلى غيره من الموارد التي يكون الحرج فيها نوعيا، بل يجب الاقتصار على خصوص مورده، لأن سياقه سياق بيان حكمة التشريع لا علة الحكم.
كما انا نعلم خارجا ان الحكمة في تشريع كثير من الأحكام هي التوسعة ورفع الحرج عن المكلفين (ولو لم يستند فيها إلى آية نفى الحرج وغيرها من أشباهها) كالقصر