الأول - كون لا حرج مثبتا للحكم أيضا أي كما أنه حاكم على الأحكام الوجودية يكون حاكما على الأحكام العدمية أيضا، والا لا يعقل تعارضه مع لا ضرر واجتماعه معه في مورد واحد حتى يكون حاكما عليه. وان شئت قلت: ان هذا الشرط يرجع إلى منع الصغرى وحاصله عدم امكان تعارض لا ضرر مع لا حرج.
الثاني - أن يكون لا حرج ناظرا إلى لا ضرر، ومعنى النظر أن يكون الحكم في طرف المحكوم مفروض التحقق حتى يكون الحاكم ناظرا إلى الحكم الثابت في المحكوم واما لو كان كل منهما في عرض الاخر ولا أولوية لفرض تحقق أحدهما قبل الاخر فلا معنى للحكومة وبالجملة لا وجه لجعل لا حرج حاكما على لا ضرر فلا يمكن علاج التعارض بالحكومة.
كما أنه لا يمكن علاجه بتقديم لا ضرر على لا حرج مطلقا من باب ان مورد الضرر أقل من الحرج - لأن كل ضررى حرجي ولا عكس - فإن فيه أولا ان أقلية المورد إنما توجب الترجيح إذا كان المتعارضان متضادين دائما لا مثل المقام الذي يتوافقان غالبا وثانيا - ان الحرج هو المشقة في الجوارح لا في الروح، فقد يكون الشئ ضرريا كالنقص في المال ولا يكون حرجيا، فقولك كل ضررى حرجي ولا عكس غير صحيح (انتهى).
أقول - ولقد أجاد فيما أفاد بقوله ثانيا من أن ملاك الحكومة - وهو نظر أحد الدليلين إلى الاخر والتصرف فيه بأحد انحائه التي مضى شرحها - مفقود في المقام توضيحه: ان أدلة نفي الضرر ونفى الحرج متساوي الاقدام بالنسبة إلى موضوعاتهما وقد عرفت مما ذكرنا هنا وهناك (في قاعدة لا ضرر) ان لسانهما واحد فلا وجه لحكومة إحداهما على الأخرى، بل قد عرفت انه لا حكومة لهما على الأدلة المثبتة للأحكام رأسا وإنما يقدمان على غيرهما لورودهما مورد الامتنان ولجهات أخر مضى شرحها فلا معنى لتقدم إحداهما على غيرها وحكومتها عليها بل هما متعارضان متكافئان والنسبة بينهما عموم من وجه.
واما القول بان النسبة بينهما عموم مطلق - لأن كل أمر ضررى حرجي ولا عكس -