الوجوب وحاصله ببيان منا:
انا نعلم خارجا ان الوضوء والغسل الحرجيين وأشباههما لا يترتب عليها أي مفسدة موجبة لنقصان ملاك المحبوبية فيها، الا ان ايجابها لما كان موجبا للضيق والحرج على المكلفين رفعه الشارع منة عليهم مع وجود ملاكه فيها، فعدم وجوبها ليس من ناحية عدم المقتضى بل من جهة ابتلائه بالمانع وهو ما اراده الشارع المقدس من الامتنان على هذه الأمة، ومن المعلوم ان هذا مانع عن الامر الإلزامي دون غيره فوجود ملاك المطلوبية فيها مع عدم المانع عن الامر غير الإلزامي بها يكشف عن تعلق أمر بها كذلك، بل يكفي في صحتها وصحة قصد القربة بها مجرد وجود ملاك المحبوبية فيها ولو لم يكشف عن تعلق أمر بها.
ولكن يرد عليه ان دعوى العلم بعدم المفسدة فيها دعوى بلا بينة ولا برهان لاحتمال وجود بعض المفاسد فيها بعد كونها حرجية، ولا أقل من أن التكليف إذا كان حرجيا وثقيلا على المكلفين أوجب كثرة المخالفة والعصيان وهي مفسدة عظيمة ولهذا ذهب بعضهم إلى أن نفى الحرج لازم على الواجب الحكيم من باب وجوب اللطف فتأمل.
أضف إلى ذلك أن تحمل الحرج وتكلف الفعل الحرجي، بعد ما من الله تعالى على عباده بنفيه، رفض لما تصدق وما من به عليهم ويمكن أن يكون في هذا مفسدة، كما ورد في باب عدم صحة التمام في مواطن القصر من التعليل بأنه رد لتصدق الله على الأمة مثل ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالتقصير والافطار أيسر أحدكم إذا تصدق بصدقة ان ترد عليه؟ وفى معناه رواية أخرى رواها الصدوق في الخصال عن السكوني (1) والغرض من ذلك كله ابداء احتمال وجود مفسدة في تحمل الحرج والاتيان بالتكاليف الحرجية، ومعه لا يصح دعوى القطع بعدم وجود مفسدة فيها وبقاء ملاك