الكلية التي يستدل بها لاثبات أحكام خاصة ولكن مفادها عام شامل لمورد الاستدلال و غيره، فتدل هذه الفقرة على نفى جميع الأحكام العسرة والحرجية فتأمل.
ومنها - قوله تعالى: (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا...) (1) وجه الاستدلال بها ان نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله سئل ربه ليلة المعراج أمورا حكاها الله تعالى في هذه الآية الشريفة ومنها رفع (الإصر) عن أمته. وكرامته صلى الله عليه وآله على ربه ومقامه عنده تعالى يقتضى إجابة هذه الدعوة واعطائه ذلك، ويشهد لهذه الإجابة نقلها في القرآن العظيم والاهتمام بأمرها، فلولا اجابته له لم يناسب نقلها في كتابه في مقام الامتنان على هذه الأمة المرحومة وهو ظاهر.
وحيث إن (الإصر) في اللغة كما سيأتي عند تحقيق معنى العسر والحرج والأصر بمعنى الثقل، أو الحبس، أو الشدائد، كانت الآية دليلا على نفى التكاليف الحرجية عن هذه الأمة.
هذا كله مع قطع النظر عن الروايات الواردة في تفسيرها، واما بالنظر إليها فالامر أوضح جدا، فقد وقع التصريح في غير واحد منها بأنه تعالى أجاب رسوله وأعطاه ذلك ورفع عن أمته صلى الله عليه وآله الآصار، وقد ذكر في بعض هذه الأخبار موارد كثيرة من هذه الآصار التي كانت في الأمم الماضية ورفعها الله عن هذه الأمة رحمة لها واكراما لنبيه الأعظم، وسيأتي نقل نماذج من هذه الأخبار عند ذكر الروايات الدالة على القاعدة.
فقد ظهر من جميع ما ذكرنا في بيان الآيات التي يمكن التمسك بها في اثبات هذه القاعدة ان أظهرها دلالة على المطلوب هي الآية الأولى، المستدل بها في كثير من الأخبار الواردة في المسألة، التي يظهر من مجموعها ان للآية خصوصية في هذا الباب، وإن كان غيرها أيضا لا تخلو عن دلالة أو تأييد للمدعى، ففي مجموعها غنى وكفاية و ان لم تبلغ في الظهور وقوة الدلالة مرتبة الروايات التالية.