لا يحتاج إلى مؤنة الاستدلال، بل هو أمر واضح ظاهر، بداهة ان الشارع المقدس لم يرد بتشريع أحكام الدين ونظاماته ابطال نظام المجتمع وتعطيل معيشتهم، بل المقصد الأقصى من اثبات كثير من تكاليفه ليس الأحفظ هذا النظام على الوجه الأحسن، و تحكيم قواعده على نهج صحيح يشتمل على منافع دينية ودنيوية للناس، كأحكام الديات والقصاص التي فيها حياة لأولي الألباب وكثير من أحكام المعاملات وغيرها، فكيف يكلف الناس بأمور توجب اختلالا في هذا النظام.
واما الثالث فهو داخل في (قاعدة لا ضرر) خارجة عما يختص بهذه القاعدة، و ان أمكن الاستدلال بكليهما في كثير من موارد الضرر لبعض ما يترتب على كل منهما من الخصوصية. فتحصل من جميع ذلك أن مركز البحث في (قاعدة لا حرج) هو القسم الرابع من الأقسام المتقدمة، وهو الافعال الحرجية غير البالغة حد ما لا يطاق وغير الموجبة لاختلال النظام ولا ما يتضمن ضررا في الأموال والأنفس، ومنه يظهر حال الأدلة التي يستند إليها في اثبات القاعدة وما يكون مرتبطا بمحل البحث وما هو خارج عن محل الكلام.
وها نحن نشرع الان بذكر ما ظفرنا بها من الأدلة: