وغيرها من غير فرق بين الصلاة والصيام والبيع والشراء والنكاح والعتق وتطهير الثبات ودفن الموتى إلى غيرها من الافعال التي يتصور فيها الصحة والفساد، فلا يبقى مجال للنزاع في شمول هذه القاعدة لافعال نفس المكلف للاستغناء عنها بقاعدة الفراغ، وأما إذا قلنا باختصاصها بالعبادات وما يرتبط بها، فالظاهر جواز الاستناد إلى قاعدة الصحة في موارد الشك في صحة أفعال النفس من ناحية الاخلال ببعض اجزائها وشرائطها أو وجود بعض موانعها.
والدليل على جريانها في المقام هو الدليل على جريانها في غير المقام - من أفعال الغير - وقد عرفت ان عمدة الدليل عليها هناك هي السيرة المستمرة بين العقلاء، فانا إذا تتبعنا حالهم نجدهم عاملين بها في أفعال أنفسهم، فهل ترى أحدا من العقلاء يتوقف عن الحكم بآثار ما صدرت منه من العقود والايقاعات في الأزمنة السالفة إذا شك في صحتها من بعض الجهات ولم يجد عليها دليلا؟ كلا... بل لا يزالون يعاملون مع ما صدر منهم في الأزمنة البعيدة والقريبة معاملة الصحة ويرتبون آثارها عليها ولا يمسكون عن ذلك بمجرد الشك ولا يمنعهم عن ذلك شئ الا إذا وجدوا على الفساد دليلا.
والسر فيه ان العلة التي دعتهم إلى هذه السيرة هناك موجودة بعينها هنا، و كل ما كان ملاكا لها في أفعال الغير موجود في أفعال النفس، وذلك لما عرفت من أن العلة الباعثة إلى هذا البناء لا يخلو عن أمور ثلاث: الغلبة الخارجية المورثة للظن واقتضاء طبع العمل للصحة من جهة جرى الفاعل بحسب دواعيه الخارجية نحو الفعل الصحيح، والعسر والحرج أو اختلال النظام الحاصلان من ترك مراعاة هذه القاعدة. ومن الواضح انها جارية بالنسبة إلى أفعال النفس كجريها في ناحية أفعال الغير، بل لعل جريانها هنا أسهل منه في أفعال الغير فإن الاشكال الحاصل من جهة اختلاف (الصحة عند الفاعل) مع (الصحة عند العامل) هناك، غير موجود هنا، لأن الحامل هنا هو الفاعل بعينه.