استكمال الأركان ما ذكر، - كما يظهر من أمثلته - فهو مما لا ينبغي الريب فيه، وإن كان مراده أمرا ورائه فهو قابل للتأمل والبحث، ولا نظن أحدا يخالف ما ذكرنا عند العمل بقاعدة الصحة، وهل ترى أحدا يحكم بالصحة فيما يشك في صدق عنوان البيع أو النكاح ولو فاسدا على الفعل الخارجي؟ وهل تظن أحدا فيما إذا رأى أحدا ينحني لا يدرى أهو انحناء ركوع أو انحناء لاخذ شئ من الأرض يحكم بحمل فعله على الركوع الصحيح؟.
فكلما يكون الشك فيه مساوقا للشك في صدق عنوان العمل وصورته لا يكون مجرى للقاعدة، فإذا شك في مالية العوضين رأسا لم يصدق هناك عنوان البيع، لأن البيع إنما يصدق في محل قابل له ولو اجمالا، فإذا شك في أن المبيع حر أو عبد أو انه خمرا ومايع آخر مباح، بناءا على أن الشارع تصرف في موضوع الخمر وأسقطها عن المالية رأسا، لم يصدق هناك عنوان البيع، وان هو الا كبيع الماء على الشاطئ وأشباهه، مما لا مالية له بنظر العرف والعقلاء فإنهم لا يرون بيعها الا سفها وهذلا، لا بيعا حقيقيا (ولو بيعا فاسدا) وكذلك إذا شك في بلوغ الضامن مثلا، بناء على سقوط ذمة غير البالغ وعدم الاعتبار بعهدته وكونه في الشرع كمن لا اعتبار بذمته وعهدته عند العقلاء كغير المميزين والمجانين، فإنه لا يصدق هناك عنوان الضمان ولو فاسدا.
وبعض هذه الأمثلة وإن كان قابلا للنقض والابرام الا انه لا اشكال في الكلية المذكورة وهو ان ما لا يصدق عليه عنوان العمل - ولو بالمعنى الأعم - خارج عن مسألة أصالة الصحة. ومن المعلوم ان انهدام الأركان أو الشك فيها يساوق الشك في تحقق العنوان غالبا أو دائما بل لعل المراد من الركن هنا هو ما يلزم من عدمه انتفاء العنوان فتأمل، فاذن يكون قول المحقق الثاني ومن وافقه من لزوم احراز أركان العقد في اجراء أصالة الصحة فيه قويا.
ثم إنه لا يختص هذا البحث بباب البيع بل هو عام لجميع موارد جريان أصالة الصحة لاتحاد الدليل ولأنا لا نجد أي مخصص له بباب دون باب للزوم احراز عنوان العمل المشترك بين الصحيح والفاسد في الحكم عليه بالصحة عند الشك بمقتضى هذه