النائب، لا ما يترتب عليه بعنوان انه فعل المنوب عنه، فمن هنا يحكم باستحقاقه الأجرة ولا يحكم ببراءة ذمة المنوب عنه. (انتهى محصل كلامه).
واعترض عليه جمع ممن تأخر عنه، قائلين بشمول القاعدة لباب النيابة، و جواز الحكم ببراءة ذمة المنوب عنه وعدم لزوم الاستنابة عنه ثانيا، وذكروا في دفع استدلاله (قده) مقالات شتى تعلم من مراجعة كتبهم. ولكن الذي ظهر لي ان عمدة الاشكال في كلامه (قدس سره) إنما نشأ من حسبانه فعل النائب فعلا تسبيبيا للمنوب عنه، مع أنه لا ينبغي الريب في عدم جواز اسناده إليه الا مجازا، لأن المفروض ان النائب فاعل مختار مستقل في فعله وإن كان المنوب عنه محركا وداعيا له إلى العمل، ولا شك ان الفعل في هذه المقامات يستند إلى المباشر، فالفعل فعل النائب لا غير، ولا فرق في ذلك بين القول بان حقيقة النيابة عبارة عن تنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه، والقول بان حقيقتها هي قصد تفريغ ذمة الغير بعمله وانه لا يعقل تنزيل نفسه منزلته أو تنزيل فعله منزلة فعله. فإن الفعل حقيقة فعله وصادر عنه باختياره وارادته وإن كان فائدته لغيره.
نعم قد يسند الفعل إلى السبب وذلك فيما إذا كان أقوى من المباشر وكان المباشر مقهورا على العمل غير مستقل في ارادته، لا في مثل المقام المفروض استقلاله فيه. فح إذا جرت أصالة الصحة في حق النائب والأجير يحكم بصحة فعلهما وتترتب عليه جميع ما للعمل الصحيح من الآثار، فإن كان عمله صلاة فهي صلاة صحيحة بحكم هذه القاعدة ويترتب عليها جميع ما للصلاة الصحيحة الصادرة منهما بهذا العنوان من الأثر، ومنها براءة ذمة المنوب عنه وعدم لزوم الاستنابة عنه ثانيا.
ثم إن المحقق النائيني (قده) أورد في بعض كلماته في المقام على مقالة الشيخ (قده) ايرادا حاصله ان التفكيك المذكور في كلام الشيخ بين استحقاق الأجرة و بين براءة ذمة المنوب عنه من غرائب الكلام، إذ مع احراز قصد النيابة يحكم بمقتضى قاعدة الصحة بصحة الفعل النيابي ويترتب عليه استحقاق الأجرة وبرائة ذمة المنوب عنه، ومع عدم احرازه لا يحكم بشئ منهما، فإن ما يترتب عليه استحقاق الأجرة ليس الا صدور الفعل الصحيح من النائب، وهو بعينه موضوع للأثر الاخر وهو فراغ