حيث إنه لا يشك أهل العرف في أن عمله هذا يوجب وهنا لهذه المقدسات في انظار الناس، فيستنكرونها ويسرعون إلى تطهيرها وإزالة النجاسة عنها، وإن كان فاعلها عندهم معذورا غير مستحق للمؤاخذة واللوم من جهة فعلته ونسيانه إذا لم يكن مقصرا في مقدماته نعم لو كان العمل مشتركا بين عنوانين ولم يكن هناك ما يمتاز به خارجا من جهة من الجهات (لو وجد اعمال كذلك) ففي مثله يمكن القول بتوقف صدق أحد العنوانين عليه على قصده.
وبناءا على هذا المبنى يكون الدليل على اعتبار احراز قصد الفاعل لهذه العناوين عدم جريان القاعدة في غير الأفعال الاختيارية لعدم بناء العقلاء عليه كما هو واضح و قد عرفت ان الفعل في هذه الموارد لا يكون اختياريا الا بقصد عنوانه.
نعم لا يبعد ان يقال بأنه لا يجب احرازه بطرق علمية بل يكفي الظن الحاصل من ظاهر الحال بان يكون ظاهر حال الفاعل انه بصدد العنوان الفلاني، فإن هذا الظن مما استقر بناء العقلاء على العمل به في مورد الصفات الباطنية، كالقصد والعلم و العدالة مما لا طريق إليها غالبا الا ظواهر الحالات ويستندون إليها في كثير من احتجاجاتهم كما لا يخفى على من سبر أحوالهم، نعم في غير هذه المقامات من الصفات الظاهرة التي يمكن اثباتها بطرق علمية غالبا لا اعتبار به عندهم.
بل هذا الظهور معتبر عندهم وان لم يكن هناك شك في صحة العمل على فرض قصده فحجية ظهور حال الفاعل في هذه المقامات أجنبية عن قاعدة الصحة وإن كان يظهر بعض ثمراتها في اجراء القاعدة كما عرفت ومن هنا يظهر وجه النظر في بعض ما افاده المحقق الأصفهاني (قدس سره) في المقام بما لا نطيل الكلام بذكره فراجعه وتأمل.
وإنما عقدنا تنبيها خاصا لهذا البحث مع أن شيخنا العلامة الأنصاري وغيره من المحققين أدرجوه في التنبيه الآتي، لما فيه من الآثار الخاصة التي تظهر في اجراء القاعدة في مقامات مختلفة.