ويمكن استظهار المقصود - أعني لزوم الحمل على الصحة الواقعية لا الصحة بنظر الفاعل - من غير واحد من الروايات الواردة في موارد خاصة: مثل ما رواه الشيخ (رضوان الله عليه) في التهذيب والفقيه باسناده عن إسماعيل بن عيسى قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل، أيسأل عن ذكاته إذا كان البايع مسلما غير عارف؟ قال: (إذا رأيتم يصلون فيه فلا تسئلوا عنه) (1) بناء على شموله لصورة العلم بكون معتقد الفاعل جواز الصلاة فيما دبغ من الجلود وان كانت غير مذكى لاشتهار فتاوى أبي حنيفة في العراق في ذاك العصر ومفروض سؤال الراوي أيضا هو الشراء من المخالفين، فالعمل بهذه الامارة - أعني الصلاة فيها - ليس الا من جهة حمل أفعال المسلمين على الصحة الواقعية فبالصلاة فيها يستكشف كونها مذكى لاعتبار التذكية في لباس المصلي واقعا.
اللهم الا ان يقال إن الرواية غير معمول بها لكفاية الاخذ من سوق المسلمين ومن يد المسلم من غير اعتبار الصلاة فيها، فيحمل هذا الحكم على الاستحباب وضرب من الاحتياط ولكن يمكن القول بكفاية الحكم المذكور في اثبات المدعى وإن كان حكما استحبابيا فتأمل.
نعم يظهر من بعض الروايات خلاف ذلك وان الحمل على الصحة إنما يجوز فيما يوافق معتقد الفاعل لمعتقد الحامل كالروايات الكثيرة الواردة في باب (تحريم العصير إذا اخذ مطبوخا ممن يستحله) مثل ما رواه الكليني (رضوان الله عليه) باسناده عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يهدى إليه البختج من غير أصحابنا؟
فقال: (إن كان ممن يستحل المسكر فلا تشربه وإن كان ممن لا يستحل فاشربه) ومثله غيره.
فإن حمل فعل المسلم على الصحيح الواقعي يقتضى الحكم بالحلية هنا وليس هذه الصورة من الصورتين اللتين اخترنا استثنائهما من هذه القاعدة لوجود الجامع بين العقيدتين لاستحلال الفريقين المطبوخ على الثلث.
ويمكن الجواب عنه بان المورد من موارد التهمة وسيأتي الاشكال في جريان