أقول: الأجرة إما طبيعة كلية قابلة للانطباق على أفراد متعددة، وإما شخص خارجي ممتنع الصدق على كثرين فإن كان من القسم الأول فليس للمستأجر تطبيقها على الفرد المعيب، لان الكلي إذا جعل عوضا في العقود المعاوضية ينصرف إلى الطبيعة السالمة عن العيب والنقص، ففي مقام الأداء يجب أن يؤدي الفرد السالم، فإن خالف وأدى الفرد المعيب فللمؤجر مطالبة إبداله بالفرد الصحيح، لأنه مصداق ما هو حقه.
وأما إذا كانت الأجرة شخصا خارجيا وحدث فيها عيب قبل القبض، فإن قلنا بعدم اختصاص قاعدة " كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه " بالبيع بل تجري في جميع المعاوضات، فالعيب الحادث إما بتلف جزء وإما بزوال وصف الصحة، فإن كان الجزء التالف مما يقسط عليه الثمن ويكون مقابله مقدار من الطرف الآخر فبالنسبة إلى ذلك الجزء ومقابله تنفسخ المعاملة.
مثلا: لو آجر دارا سنة كاملة بمقدار طن من الحنطة، فوقع التلف على جزء من الحنطة التي هي أجرة الدار، فبمقدار ذلك الجزء تنفسخ الإجارة، فلنفرض أن مقابل التالف هو الشهر من مدة الإجارة فبمقدار الشهر تنفسخ الإجارة، لان التالف يكون من مال المستأجر بحكم القاعدة على الفرض، ولا يكون إلا بانفساخ العقد بتمامه، ولا أقل بمقدار ما يقابل التالف بعد التقسيط.
ثم إن قلنا بانفساخ تمام العقد فيرجع تمام الأجرة إلى المستأجر والعين المستأجرة إلى المؤجر ولا إشكال في البين، وإن قلنا بانفساخ مقدار المقابل للجزء التالف من الأجرة فيرجع ذلك المقدار إلى المؤجر والباقي للمستأجر، ولكن يأتي خيار تبعض الصفقة، فلكل واحد منهما - المؤجر والمستأجر - خيار تبعض الصفقة.
اللهم إلا أن يقال: لو تعمد المؤجر بإتلاف بعض الأجرة يكون إتلافه بمنزلة قبضه وإن لم يكن قبضا عرفا. هذا بالنسبة إلى الجزء.