وذلك من جهة أن المالك أو من يقوم مقامه بعد ما أنشأ تمليك المنفعة المعلومة للمستأجر بعوض معلوم، وصدر القبول عن المستأجر، وتم العقد واجدا لجميع شرائط الصحة لا وجه لعدم حصول الملكية.
نعم في بعض العقود والمعاملات شرط الشارع القبض مطلقا، أو في خصوص المجلس لتأثير العقد أو للزومه. وهذا لا ربط له بالمقام، لان مقامنا في أنه بعد أن تم عقد الإجارة إيجابا وقبولا مع وجود جميع شرائط الصحة، فهل يملك المستأجر جميع منافع مدة الإجارة حين تمامية العقد أم لا، بل يملك تدريجا، ففي كل زمان يملك منفعة ذلك الزمان؟ فلو استأجر دارا أو دكانا سنة مثلا لا يملك منفعة تمام السنة حين تمام العقد، بل يملك في كل يوم منفعة ذلك اليوم فقط، بل في كل ساعة منفعة تلك الساعة لا الساعة المتأخرة.
لا ينبغي أن يشك في أن الصحيح هو الأول، لان سبب الملكية هو العقد الصادر عن أهله، أي المالك العاقل البالغ، غير المحجور، واجدا لجميع الشرائط المعتبرة في صحة هذا العقد، فيلزم من عدم وجود المسبب الخلف.
ومنشأ احتمال الثاني هو أن المنافع حال وقوع عقد الإجارة ليست موجودة كي يكون مالك العين مالكا لها، فلا يملكها إلا بعد وجودها، فقبل وجودها لا يمكن أن يملكها، لان الشئ لا يمكن أن يكون معطيا له. وهذه قضية ضرورية.
فلابد وأن نقول: حيث أن ملكية المنافع لمالك العين تدريجية، فتمليكها أيضا تدريجي، فحصول الملكية للمستأجر أيضا تدريجي.
وأنت خبير بأن مبنى هذا الكلام هو عدم ملكية المنافع لمالك العين إلا بعد وجودها، وحيث أن وجودها تدريجية فملكيتها أيضا تدريجية. وهذا المبنى فاسد جدا، لان الملكية من الاعتبارات العقلائية والشرعية، والعقلاء يعتبرون منافع كل عين بتبع تلك العين ملكا لمالكها، لأنهم يرون منافع الأعيان من شؤونها، فحيث أن