فالعمدة في دليلهم على البطلان بموت أحدهما وجهان:
[الوجه] الأول: الدليل العقلي، وهو تبعية المنفعة للعين. ولا شبهة في أن العين بعد الموت يخرج عن ملك الميت وينتقل إلى غيره، فالمنفعة أيضا تكون بتبع العين ملكا لمن انتقل إليه العين، فتمليك المؤجر المنفعة للمستأجر بالنسبة إلى منافع العين المستأجرة بعد موته يكون تمليكا لما لا يملك، وهو معلوم البطلان.
هذا بالنسبة إلى موت المؤجر، وأما بالنسبة إلى موت المستأجر، فلان المنفعة تدريجية الوجود، فقبل موته لا منفعة في البين، أي المنافع التي توجد بعد موته كي يملكها، وبعد موته غير قابل لان يتملك، فيبطل بموت كل واحد منهما.
وفيه: أن ملكية المؤجر للعين ليست موقتة بمدة حياته، بل ملكية مرسلة. نعم بالموت ينتقل إلى الورثة، فالموت سبب ناقل كسائر النواقل، فإذا كان ملكه للعين مطلق مرسلة غير مقيدة بالحياة، فملكه لمنافعها أيضا مطلق مرسل، فله تمليكها أزيد من مدة حياته، لأنه سلطان على ماله. بل له تمليكها لشخص في خصوص زمان بعد موته، وذلك كما إذا أوصى بمنافع عين من أعيان أملاكه لشخص مدة طويلة أو قصيرة، ولا شك في أنه لو لم يكن ملكه للعين أو منافعها مطلقة كان تمليكه لكل واحد منهما بعد الموت تمليكا لمال الغير، وهو باطل بالضرورة.
وإن شئت قلت: ليس من قبيل تمليك أحد بطون الموقوف عليهم لعين الموقوفة لغيره، أو إجارته أزيد من مدة حياته، لان ملكية البطن ليست مطلقة مرسلة، بل كل بطن لا يملك العين وكذلك منافعها أزيد من مدة حياته. ولذلك لو آجر العين الموقوفة مدة أزيد من مدة حياته تكون موقوفة على إجارة البطن اللاحق، إلا أن يكون له ولاية عليه، أو كان له الولاية على مثل ذلك من قبل الواقف بأن كان متوليا من قبله في ذلك.
وأما الاشكال عليه بأن وجود المنفعة تدريجية، فلا يملكها المستأجر إلا في